____________________________________
معنى لتوهّم جعل الطريقية لأنّ ثبوت الشيء لنفسه ضروري ، كما لا معنى لتوهّم نفي الطريقيّة عنه لأنّ سلب الشيء عن نفسه محال ، فإذا لم تكن الطريقيّة مجعولة لم تكن حجّيته مجعولة ، إذ الحجّية لازمة لها ، وثبوت لازم الشيء له ضروري.
وأمّا إذا لم تكن ماهية القطع نفس الانكشاف والطريقيّة بل كانت طريقيّته لازمة لماهيّته لكانت طريقيّته ذاتية بذاتي باب البرهان ، كالزوجية بالنسبة إلى الأربعة فلا تقبل الجعل ـ أيضا ـ إثباتا لأنّ لازم الماهية لا ينفك عنها ، فيكون ثبوته لها ضروريا ، ولا نفيا لأنّ سلبه عنها محال.
ومن هنا يظهر أنّ حجّيته كطريقيّته لا تقبل الجعل إثباتا أو نفيا لأنّها لازمة لها لا تنفك عنها ، فلا تقبل الجعل إثباتا لكون ثبوت اللّازم ضروريا ، ولا نفيا لكون سلب لازم الشيء عنه محالا. هذا تمام الكلام في الجهة الاولى.
والكلام في الجهة الثانية يقع في حجّية القطع.
والمراد من حجّيته هو وجوب متابعته ، والعمل على طبقه فيكون وجوب العمل على طبقه من لوازم طريقيّته ، كما يظهر من التعليل حيث علّل وجوب المتابعة بقوله : لأنّه بنفسه طريق إلى الواقع ، فلا يكون قابلا للجعل إثباتا ونفيا ، كما تقدّم ، ثم المراد من وجوب متابعة القطع ليس وجوبا شرعيا بل يكون حكما عقليا.
وهناك وجوه أخر ذكرت لعدم قابلية حجّية القطع لجعل الشارع :
منها : إنّه لو كانت حجّيته بالتعبّد الشرعي لزم التسلسل ، إذ اعتبار كل شيء موقوف على العلم به من الشارع ، فالقطع لو لم يكن حجّة بنفسه فلا بدّ من أن يتوقف على قطع آخر وهكذا ، فيلزم التسلسل أو الدور.
ومنها : إنّه لو كان اعتباره بجعل من الشارع فلا بدّ ـ حينئذ ـ أن يكون قابلا لحكم الشارع نفيا وإثباتا فلو كان كذلك لزم التناقض.
بيان ذلك : إنّ من علم كون هذا المائع خمرا ، وكون الخمر محرّما شرعا ، يحصل له من هذه الصغرى الوجدانية وتلك الكبرى المقطوع بها العلم بكون هذا المائع محرما.
وبتعبير آخر : هذا المائع خمر ، وكل خمر حرام ، فهذا المائع حرام ، فيعلم نهي الشارع