فالمرجع فيه هي القواعد الشرعيّة الثابتة للشاك في مقام العمل ، وتسمّى بالاصول العمليّة. وهي منحصرة في أربعة ، لأنّ الشك إمّا أن يلاحظ فيه الحالة السابقة أم لا ، وعلى الثاني
____________________________________
ثم المراد من القطع والظن واضح لا يحتاج إلى البيان.
نعم ، المراد من الشك لا بد أن يكون بمعنى تساوي الطرفين حتى يكون مباينا للقطع والظن كما يقتضيه قانون التقسيم ؛ إذ التقسيم يقتضي تباين الأقسام ، فالتقسيم الثاني كما في كلام المصنّف رحمهالله ؛ مبنيّ على كون الشك بالمعنى المذكور ، لا بمعنى عدم العلم في مقابل العلم ، فالصحيح أن يجعل التقسيم على هذا المعنى الثاني ثنائيا.
ونستكشف من جعله التقسيم ثلاثيا أن الشك يكون بالمعنى الأول ، إلّا أن يقال : إن مقصوده من التقسيم هو تبويب كتابه باعتبار حالات المكلّف ، ولهذا جعل هذا الكتاب ثلاثة مقاصد : المقصد الأول : في القطع ، والثاني : في الظن ، والثالث : في الشك.
(فالمرجع فيه هي القواعد الشرعية ... إلى آخره).
يمكن أن يقال : إن القواعد المذكورة بعضها شرعية كالاستصحاب على قول ، وبعضها عقلية كالتخيير ، وبعضها شرعية وعقلية كالبراءة والاحتياط ، فتسمية الجميع بالقواعد الشرعية لا معنى لها أصلا ، فإنه يقال : والأمر وإن كان كذلك الّا أنّ الشارع قد أمضى حكم العقل فترجع القواعد إلى الشارع جعلا أو امضاء.
(وتسمّى بالاصول العمليّة).
أي : القواعد العملية في مقابل الأدلة الاجتهادية ، فيكون الأصل هنا بمعنى القاعدة ولمّا كان كل واحد من الاستصحاب والبراءة والتخيير قاعدة كلية كان الصحيح أن تجمع بالقواعد العملية : يعني تسمّى هذه القواعد بالعملية لأنها ثابتة للشاك في مقام العمل فيرجع إليها حينما لم يكن له دليل على الحكم.
الأمر الثاني : بيان حصر الاصول العملية في الأربعة ، كما أشار اليه بقوله : (وهي منحصرة في أربعة).
وظاهر كلامه ـ ابتداء ـ وإن كان حصر نفس الاصول في الأربعة ، اذ الضمير في قوله : (هي) يرجع إلى الاصول نفسها ، الّا ان كلامه في مقام بيان تعليل الحصر نصّ في حصر مجاريها على الاربعة ، ثم هذا الحصر حصر عقلي ، لأنّه يدور بين النفي والإثبات كما هو