المقام الأوّل
إمكان التعبّد بالظنّ عقلا
أمّا الأول ، فاعلم أن المعروف هو إمكانه ، ويظهر من الدليل المحكي عن ابن قبة في استحالة العمل بخبر الواحد عموم المنع لمطلق الظن ، فإنّه استدل على مذهبه بوجهين :
«الأول : أنه لو جاز التعبّد بخبر الواحد في الإخبار عن النبي صلىاللهعليهوآله ، لجاز التعبّد به في الإخبار عن الله تعالى ، والتالي باطل إجماعا.
____________________________________
تمامية مقدّمات الانسداد على القول بأن الحاكم باعتبار الظن عند الانسداد هو العقل ، أو شرعا كحجّية خبر الواحد بالأدلة الشرعية ، ثم يقول المصنّف قدسسره : إن المعروف في المقام الأول هو إمكان التعبّد بالظن.
(ويظهر من الدليل المحكي عن ابن قبة في استحالة العمل بخبر الواحد عموم المنع لمطلق الظن ، فإنّه استدل على مذهبه بوجهين :).
الوجه الأول : هو القياس الاستثنائي ، والاستدلال به يكون مبتنيا على اثبات الأمرين معا ، أي : الملازمة بين المقدم والتالي ، ثم بطلان التالي ، فنذكر القياس أولا ثم نتكلم في ثبوت الأمرين.
والقياس كما ذكره المصنّف رحمهالله (أنّه لو جاز التعبّد بخبر الواحد في الإخبار عن النبي صلىاللهعليهوآله ، لجاز التعبّد به في الإخبار عن الله تعالى ، والتالي باطل إجماعا).
وأمّا الملازمة فهي ثابتة ظاهرا ، وذلك لأن الإخبار عن النبي كقول الراوي : قال النبي كذا ، يكون مساويا ومثلا للإخبار عن الله كقول مدّعي النبوة : قال الله : كذا ، فنقول : إن حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد ، فلو جاز وأمكن التعبّد بالخبر المنقول عن المعصوم عليهالسلام لجاز وأمكن التعبّد بالخبر المنقول عن الله تعالى.
وأما بطلان التالي ، فبإجماع من العقلاء ، فإنّهم يحكمون بامتناع التعبّد بالإخبار عن الله تعالى ، بل يطالبون بالمعجزة ممّن يدّعي النبوّة ، وهذا الدليل من ابن قبة لا يثبت امتناع التعبّد بالظن ، بمعنى أن يكون التعبّد به مستلزما لاجتماع النقيضين أو الضدين.