لأقوام يزعمون أنّا نعلم الغيب! ما يعلم الغيب إلا الله عزوجل ، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت منّي ، فما علمت في أيّ بيوت الدار هي».
قال سدير : فلمّا أن قام من مجلسه وصار في منزله ، دخلت أنا وأبو بصير وميسّر ، وقلنا له : جعلنا فداك ، سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ، ونحن نعلم أنّك تعلم علما كثيرا ، ولا ننسبك إلى علم الغيب! قال : فقال : «يا سدير ، أما تقرأ القرآن؟» قلت : بلى. قال : «فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزوجل (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)(١)» قال : قلت : جعلت فداك ، قد قرأته. قال : «فهل عرفت الرجل ، وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب؟»
قال : قلت : أخبرني به.
قال : جعلت فداك ، ما أقلّ هذا! فقال : «يا سدير ، ما أكثر هذا أن ينسبه الله عزوجل إلى العلم الذي أخبرك به! يا سدير ، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزوجل أيضا : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)؟
قال : قد قرأته ، جعلت فداك.
قال : «أفمن عنده علم الكتاب كلّه أفهم ، أم من عنده علم الكتاب بعضه؟!»
قلت : لا ، بل من عنده علم الكتاب كلّه ، فأومأ بيده إلى صدره ، وقال : «علم الكتاب والله كلّه عندنا ، علم الكتاب والله كلّه عندنا» (٢).
وروى هذا الحديث الصفّار : في (بصائر الدرجات) بتغيير يسير بزيادة ونقصان (٣).
__________________
(١) النمل : ٤٠.
(٢) الكافي : ج ١ ، ص ٢٠٠ ، ح ٣.
(٣) بصائر الدرجات : ص ٢٣٣ ، ح ٣.