ظنوه أنه ينفعهم كأن المعنى لا ينفعهم ذلك. ثم ابتدأ (جَرَمَ أَنَّهُمْ) أي كسب ذلك الفعل لهم الخسران.
قال غيره : معناه لا بد أنهم ، ولا محالة أنهم. وقيل : معناه حقا أنهم. وأصل «الجرم» القطع فكأنه قال لأقطع من أنهم في الآخرة هم الأخسرون و (جَرَمَ) في قوله (لا جَرَمَ) فعل ، وتقديره لا قطع قاطع عن ذا ، إلا أنهم كثر في كلامهم حتى صار كالمثل وهو من قول الشاعر :
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة |
|
جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا |
***
أي قطعتهم إلى الغضب ، فرواية الفراء نصب فزارة ، والمعنى كسبهم أن يغضبوا ، وخسران النفس يتعاظم ، لأن خسران النفس بعذاب دائم أعظم من خسرانها بعذاب منقطع ، و (أَنَّهُمْ) في قوله (هُمُ الْأَخْسَرُونَ) يحتمل أن يكون فصلا والأخسرون خبر «أن» و «هم» إذا كانت فصلا لم تقع في النكرة. وقولهم : ما كانوا في الدار هم القائمون. فلا يكون إلا اسما ، فإن جعلتهما فصلا قلت : كانوا في الدار هم القائمون (١).
* س ١٧ : ما هو معنى قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٣) [هود : ٢٣]؟!
الجواب / قال أبو أسامة زيد الشحّام ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّ عندنا رجلا يسمّى كليبا ، فلا يخرج عنكم حديث ولا شيء إلّا قال : أنا أسلّم ، فسمّيناه : كليب تسليم؟ قال : فترحّم عليه ، وقال : «أتدرون ما
__________________
(١) التبيان : ج ٥ ، ص ٤٤٦.