* س ٢٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٥٦) [هود : ٥٦ ـ ٥٤]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ : لسنا نقول فيك إلا أنه أصابك بعض آلهتنا بسوء ، فخبل عقلك لشتمك لها ، وسبك إياها. (قالَ) أي : قال هود لقومه (إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا) أي : وأشهدكم أيضا بعد إشهاد الله (أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ) أي : إن كنتم تزعمون أن آلهتكم عاقبتني لطعني عليها ، فإني على بصيرة في البراءة مما تشركونه مع الله من آلهتكم التي تزعمون أنها أصابتني بسوء ، وإنما أشهدهم على ذلك وإن لم يكونوا أهل شهادة ، من حيث كانوا كفارا فساقا ، إقامة للحجة عليهم ، لا لتقوم الحجة بهم ، فقال هذا القول إعذارا وإنذارا.
وقيل : إنه أراد بقوله اشهدوا واعلموا كما قال شهد الله أيّ : علم الله.
(فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) أي : فاحتالوا واجتهدوا أنتم وآلهتكم في إنزال مكروه بي ، ثم لا تمهلوني. قال الزجاج : وهذا من أعظم آيات الأنبياء ، أن يكون الرسول وحده ، وأمته متعاونة عليه. فيقول لهم : كيدوني فلا يستطيع واحد منهم ضره. وكذلك قال نوح لقومه : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) الآية. وقال نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم : فإن كان لكم كيد فكيدون. ومثل هذا القول لا يصدر إلا عمن هو واثق بنصر الله ، وبأنه يحفظه عنهم ، ويعظمه منهم ثم ذكر هود عليهالسلام هذا المعنى ، فقال : (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ) أي : فوضت أمري إلى الله سبحانه متمسكا بطاعته ، تاركا لمعصيته.