وإن شئت أن لا تعبد لا تعبد. ثم أصابه الغشيّ فسرّي عنه وهو يسلت (١) العرق عن وجهه ، ويقول : «هذا جبرئيل قد أتاكم بألف من الملائكة مردفين». قال : فنظرنا فإذا بسحابة سوداء فيها برق لائح قد وقعت على عسكر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقائل يقول : أقدم حيزوم ، أقدم حيزوم. وسمعنا قعقعة السلاح من الجوّ ، ونظر إبليس إلى جبرئيل عليهالسلام فتراجع ورمى باللّواء ، فأخذ منبّه بن الحجاج بمجامع ثوبه ، ثم قال : ويلك ، يا سراقة ، تفتّ في أعضاد الناس ، فركله إبليس ركلة في صدره ، ثم قال : إني أرى ما لا ترون ، إني أخاف الله. وهو قول الله : (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ)(٢). ثمّ قال عزوجل : (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ)(٣).
قال : وحمل جبرئيل على إبليس فطلبه حتى غاص في البحر ، وقال : يا ربّ ، أنجز لي ما وعدتني من البقاء إلى يوم الدين.
روي في الخبر : أنّ إبليس التفت إلى جبرئيل عليهالسلام وهو في الهزيمة ، فقال : يا هذا ، أبدا لكم فيما أعطيتمونا؟ فقيل لأبي عبد الله عليهالسلام : أترى كان يخاف أن يقتله؟ فقال : «لا ، ولكنه كان يضربه ضربة يشينه منها إلى يوم القيامة».
وأنزل الله على رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ)(٤) قال : أطراف الأصابع ، فقد جاءت قريش بخيلائها
__________________
(١) أي يمسحه ويزيله. «انظر : المعجم الوسيط ـ سلت ـ ١ : ٤٤١».
(٢) الأنفال ٨ : ٤٨.
(٣) الأنفال ٨ : ٥٠.
(٤) الأنفال : ٨ : ١٢.