ناقته يقودها ، والآخر خلفها يسوقها ، وعمّار إلى جانبها ، والقوم على جمالهم ورجالتهم منبثّون حوالي الثّنية على تلك العقبات ، وقد جعل الذين فوق الطريق حجارة في دباب فدحرجوها من فوق لينفّروا الناقة برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتقع به في المهوى الذي يهول الناظر النظر إليه من بعده ، فلمّا قربت الدباب من ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أذن الله تعالى لها ، فارتفعت ارتفاعا عظيما ، فجاوزت ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ سقطت في جانب المهوى ، ولم يبق منها شيء إلّا صار كذلك ، وناقة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كأنّها لا تحسّ بشيء من تلك القعقعات (١) التي كانت للدّباب.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمّار : اصعد الجبل ، فاضرب بعصاك هذه وجوه رواحلهم فارم بها. ففعل ذلك عمّار ، فنفرت بهم ، وسقط بعضهم فانكسر عضده ، ومنهم من انكسرت رجله ، ومنهم من انكسر جنبه ، واشتدّت لذلك أوجاعهم ، فلمّا جبرت واندملت بقيت عليهم آثار الكسر إلى أن ماتوا ، ولذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حذيفة وأمير المؤمنين عليهالسلام : إنّهما أعلم الناس بالمنافقين ، لقعوده في أصل العقبة ومشاهدته من مرّ سابقا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكفى الله رسوله أمر من قصد له ، وعاد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة ، فكسا الله الذلّ والعار من كان قد قعد عنه ، وألبس الخزي من كان دبّر على عليّ عليهالسلام ما دفع الله عنه» (٢).
٢ ـ التفسير : قال أبو جعفر عليهالسلام : «نزلت هذه الآية : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) إلى قوله : (نُعَذِّبْ طائِفَةً) قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : تفسير هذه الآية؟
__________________
(١) القعقعة : تتابع الصوت في شدة. «لسان العرب ـ قعع ـ ج ٨ ، ص ٢٨٧».
(٢) تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ص ٣٨٠ ، ح ٢٦٥.