فلمّا شاع خبر وفاة الإمام موسی بن جعفر عليهالسلام في المدينة ، اجتمع أهلها على باب اُمّ أحمد ، وسار معهم إلى المسجد.
ولما كان عليه من الجلالة (١) ، ووفور العبادة ، ونشر الشرائع ، وظهور الكرامات ، ظنوا به أنه الخليفة والإمام بعد أبيه ، حينئذ فبايعوه بالإمامة ، فأخذ منهم البيعة ، ثُمَّ صعد المنبر ، وأنشأ خطبة في نهاية البلاغة ، وكمال الفصاحة.
ثُمَّ قال : أيُّها الناس ، كما أنكم جميعاً في بيعتي ، فإني في بيعة أخي علي بن موسی الرضا عليهالسلام ، واعلموا أنَّه الإمام والخليفة من بعد أبي ، وهو ولي الله ، والفرض عليّ وعليكم من الله والرسول طاعته ، بكل ما يأمرنا.
فكلُّ من كان حاضراً خضع لكلامه ، وخرجوا من المسجد يقدمهم أحمد بن موسی عليهالسلام ، وحضروا باب دار الرضا عليهالسلام ، فجدّدوا معه البيعة ، فدعا له الرضا عليهالسلام (٢) ، وكان في خدمة أخيه مدة من الزَّمان إلى أن أرسل المأمون على الرضا عليهالسلام ، وأشخصه إلى خراسان ، وعقد له خلافة العهد ، وهو المدفون بشیراز المعروف : بسيد السادات ، ويعرف عند أهل شيراز بشاه جراغ.
__________________
الخبر إلى الوالي ، فأخرجت إليه سفطاً وألفي دينار أو أربعة آلاف دينار ، فدفعت ذلك أجمع إليه دون غيره وقالت : إنه قال لي فيما بيني وبينه ـ وكانت أثيرة عنده ـ احتفظي بهذه الوديعة عندك ، لا تطلعي عليها أحداً حَتَّى أموت ، فإذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك ، فادفعيها إليه واعلمي أني قَدْ متّ وقد جاءني والله علامة سيدي ، فقبض ذلك منها وأمرهم بالإمساك جميعاً إلى أن ورد الخبر ، وانصرف فلم يعد لشيء من المبيت كما كان يفعل ، فما لبثنا إلا أياماً يسيرة حَتَّى جاءت الخريطة بنعيه ، فعددنا الأيام وتفقدنا الوقت ، فاذا هو قَدْ في الوقت الَّذي فعل أبو الحسن ليه السلام ما فعل ، من تخلّفه عن المبيت ، وقبضه لما قبض». وينظر أيضاً عن وصيته عليهالسلام إليها : عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٤٢ ففيه خبر اخر.
(١) الحديث عن أحمد بن موسی بن جعفر عليهالسلام ، فلاحظ.
(٢) ذکره حرز الدين في مراقد المعارف ١ : ١١٨ دون ذكر المصدر.