ومن طرق أهل البيت عليهمالسلام فيه ما يقصم الظهر ، فليقف عليه من أراده في فروع الكافي ، ووجوبهما على الكفاية في أجود القولين ؛ للآية السابقة ولأن الغرض شرعاً وقوع المعروف ، وارتفاع المنكر من غير اعتبار مباشر معيَّن ، فإذا حصلا ارتفع وهو معنى الكفائي (١).
وذهب الشيخ في (المبسوط) (٢) ، وابن حمزة في (الوسيلة) إلى كونهما من فروض الأعيان (٣) ، استدل عليه بالرواية السابقة ، حيث إنَّ الخطاب فيه للعموم وفيه نظر بیّن ، فإنَّ الواجب الكفائي يُخاطب به جميع المكلَّفين كالعيني ، وإنَّما يسقط عن الكل بقيام البعض ، فجاز خطاب الجميع به ، ولا شبهة على القولين في سقوط الوجوب بعد حصول المطلوب ؛ لفقد شرطه الَّذي منه إصرار العاصي ، وإنما تختلف فائدة القولين في وجوب قيام الكل به قبل حصول الغرض وإن قام به من فيه الكفاية وعدمه.
وما أبعد ما بين هذا القول وما ذهب إليه صاحب (المستند) رحمهالله من اختصاص ذلك بالمجتهد ، بتقريب : أنَّ أخبار الأمر بالمعروف وإنْ كانت عامَّة ، إلّا أنَّها مختصّة بمثل خبر مسعدة بن صدقة : «سئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أواجب هو على الأُمَّة جميعاً؟ فقال صلىاللهعليهوآله : لا ، فقيل له : ولم؟ فقال : إنَّما هو على القويّ المطاع ، العالم بالمعروف من المنكر ، لا على الضعيف الَّذي لا يهتدي سبيلا ... إلى أن قال عليهالسلام : والدليل على ذلك كتاب الله عزَّ وجلَّ :
__________________
(١) الروضة البهية ٢ : ٤١٣ باب الأمر بالمعروف.
(٢) كذا والصحيح أنه قاله في النهاية.
(٣) النهاية : ٢٩٩ ، الوسيلة : ٢٠٧.