وقيل : (أربعة لا ينبغي للشريف أن يأنف منها ، وإن كان أميراً : قيامه من مجلسه لأبيه ، وخدمته لضيفه ، وخدمته للعالم الَّذي يتعلَّم منه ، والسؤال عمّا لا يعلم ممَّن هو أعلم منه) ، انتهى (١).
ومن تكبُّره على المعلّم أن يستنكف من الاستفادة إلا من الأكابر المشهورين ، وهو عين الحماقة ، فإن الحكمة ضالة المؤمن يغتنمها حيث يظفر بها ، ويتقلد المنّة لمن ساقها إليه كائناً من كان ، فلا يُنال العلم إلا بالتواضع ، بل من الأدب تعظيم جميع الخلق ، وإن نبا عنه القلب وازدرته العين ، فإن كلّ أحد من المسلمين كائناً من كان لا يخلو من فضل الله ، فكن لربِّك عبداً ولإخوانك
خادماً ، واعلم أنه ما من أحد من المسلمين إلا وله مع الله سر ، فاحفظ مرتبة ذلك ، كما قيل : (درهيچ سري نيست که سرّي زخدا نيست).
[ج] ـ «وحسن الاستماع إليه» : بإلقاء السمع ، وتوجيه الحاسة نحو تقریره ، والإصغاء إلى كلماته بحيث يكون كلّه سمعاً ، قال الله تعالى : إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٢).
قيل : ومن حسن الاستماع إمهال المتكلّم حَتَّى يفضي حديثه ، وقلة التلفت إلى الجوانب ، والإقبال بالوجه ، والنظر إليه حين الكلام ، قال الله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوآله : وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ (٣) ، وقال : لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (٤) ، هذا تعليم من الله تعالی لرسوله حسن الاستماع.
__________________
(١) تفسير الرازي ٢ : ١٨٥.
(٢) سورة ق : آية ٣٧.
(٣) سورة طه : من آية ١١٤.
(٤) سورة القيامة : ١٦.