حال أغلب حَمَلة العلم من أبناء زماننا ، فإنَّ كثيراً منهم لا يقصد من المذاكرة العلمية إلا الغلبة والاشتهار ، وتحصيل التفوُّق والاعتبار.
روى الصدوق رحمهالله في (معاني الأخبار) بإسناده عن الهروي ، قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليهالسلام يقول : «رحم الله عبداً أحيا أمرنا». فقلت : وكيف يُحيي أمركم؟
قال : «يتعلَّم علومنا ويعلّمها الناس ، فإنَّ الناس لو علموا محاسن کلامنا لاتَّبعونا» ، قال : فقلت له : يا بن رسول الله ، فقد رُوي لنا عن أبي عبد الله أنه قال : «من تعلَّم علماً ليماري به السُّفهاء ، أو يباهي به العلماء ، أو ليقبل بوجوه الناس إليه ، فهو في النار».
فقال عليهالسلام : «صدق جدّي ، أفتدري من السُّفهاء؟» ، فقلت : لا يا بن رسول الله. فقال : «هم قُصَّاص من مخالفينا ، وتدري من العلماء؟» ، فقلت : لا ، يا بن رسول الله. فقال : «هم علماء آل محمّد صلىاللهعليهوآله الَّذين فرض الله طاعتهم وأوجب مودَّتهم» ، ثُمَّ قال : «أتدري ما معنى قوله : «أو ليقبل بوجوه الناس إليه؟»» ، قلت : لا ، قال : «يعني بذلك والله ادِّعاء الإمامة بغير حقّها ، ومن فعل ذلك فهو في النار» (١).
وبإسناده عن حمزة بن حمران ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «من استأكل بعلمه افتقر».
فقلت له : جُعلت فداك إن في شيعتك ومواليك قوماً يتحملون علومكم ، ويبثونها في شيعتكم ، فلا يعدمون على ذلك منهم البرّ والصلة والإكرام.
__________________
(١) معاني الأخبار : ١٨٠ ح ١.