(وكان [قد] (١) ذهب به بخت نصر مع أطفال من أولاد الأنبياء عليهالسلام إلى بابل ، وحُبس دانيال في الجبّ المعروف الآن بجبّ دانيال في قرية صغيرة على شاطئ نهر الفرات بأرض العراق ، وذهب أكثر الناس إلى أنها بئر هاروت وماروت ، ثُمَّ إنّ بخت نصر رأى رؤيا عجيبة أهالته ، فسأل عنها الكهنة والسحرة ، فعجزوا عن تعبيرها ، وكان دانيال مع أصحابه في السجن ، فأخبر السجّان بخت نصر بقصَّة دانيال ، فقال له : عليّ به وكان لا يدخل عليه أحدٌ إلا سجد له فأتوا به فقام بين يديه ولم يسجد ، فقال له : ما الَّذي منعك من السجود لي؟
فقال : إن لي ربّاً آتاني الحكمة والعلم ، وأمرني أن لا أسجد لغيره ، فخشيت أن أسجد لغيره فينزع منّي علمه الَّذي أتاني ويهلكني ، فأعجب به ، وقال : نِعمَ ما فعلت حيثُ وفيتَ نعمه ، ثُمَّ أخبره برؤياه التي رآها قبل أن يخبره الملك وعبّرها له ، فجعل يكرمه ويستشيره في اُموره حَتَّى كان أكرم الناس عليه ، وأحبَّهم إليه ، فحسده المجوس وذهبوا إلى إهلاکه ، فنجّاه الله تعالی) (٢).
وبخت نصر من ولد نمرود ، وهو الَّذي غزا بني إسرائيل ، وقتل منهم خلقاً كثيراً ، وسبی بعثتهم ، وغزا مصر ، ودوَّخ كثيراً من البلاد ، وهو من الكلدانيين : اُمَّةٌ قديمةُ الرئاسة ، نبيهةُ الملوك ، كان منهم النماردة والجبابرة الَّذين كان أوَّلهم نمرود من بني حام ، ولم يزل ملك الكلدانيين ببابل إلى أن ظهر عليهم الفرس ، وغلبوهم على مملكتهم ، وأبادوا كثيراً منهم ، فدُرست أخبارهم ، وطُمست آثارهم.
__________________
(١) ما بين المعقوفين منا لإتمام المعنى.
(٢) بحار الأنوار ١٤ : ٣٦٤.