والثاني : يشتمل على النباتات الخفية الزهر فالقسم الأول ثلاث وعشرون رتبة ، والنباتات خفية الزهر لا تكون إلا رتبة واحدة وهي الرابعة والعشرون وكل من هذه الرتب تشتمل على النبات الذي ليس له ساق والمتطفل على الأشجار والذي له ساق.
(الثاني النجم) وفيه وجهان :
(أحدهما) : النبات الذي لا ساق له.
(والثاني) : نجم السماء المعلوم والأول أظهر ؛ لأنه ذكر مع الشجر في مقابل الشمس والقمر ذكر أرضيين في مقابل سماويين ولأن قوله : (يَسْجُدانِ) [الرّحمن : الآية ٦] يدل على أن المراد ليس نجم السماء لأن من فسره به قال يسجد بالغروب والشروق ، وعلى هذا فالشمس والقمر أيضا يغربان ويشرقان فلا يبقى للاختصاص فائدة.
وأما إذا قلنا : هما أرضيان فنقول يسجدان بمعنى ظلالهما وانبساطهما وانقباضهما وتأثيرهما وازدهارهما يسجدان فيختص السجود بهما دون الشمس والقمر وفي سجودهما وجوه :
(الأول) : سجودهما من أوراقهما وكثيرا ما يتغير وضع أوراق بعض النباتات تغيرا واضحا من الغروب إلى الشروق ، وذلك أن هناك نباتات تنبسط أوراقها من الشروق إلى الغروب ، وتنقبض من الغروب إلى الشروق ، وأغلب وقوع ذلك في شجر الصفصاف وشجر اللنج وشجر السنط والنبات المسمى بالمستحي فوريقات تويجه تنفتح عند ابتداء الليل وتنقبض عند ابتداء النهار وإذا لامسها أدنى جسم انبسطت على الأرض كالساجدة ، فجميع أوراق النباتات بهذه الخاصية التي عينها لها المعين الحكم سبحانه بقوله : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦)).
(الثاني) : سجودهما من أزهارهما ، الأزهار مجموع الأعضاء المعدة لتكون الثمر ، ويختلف النبات في التزهر فمنه يتزهر في أقل من سنة من مدة زرعه كالنباتات الحشيشية التي منها القمح ، ومنه ما يتزهر في كل سنة مدة حياته ، ومنه ما يتزهر في كل سنتين أو ثلاث من وقت إنباته مرة ، وغالب النبات يتزهر في ابتداء فصل الربيع ، وبعضه يتزهر في الصيف ، والقليل في الخريف ، وأقل منه في الشتاء ، ومن حيث إن كل نوع منه عين له تعالى التزهر في وقت معين فعين تعالى لتبسم الأزهار ساعات مختلفة فمعظم الزهر يتسم في ساعات النهار كلها ، ومنه ما يتشخص أحداقه وتنبض في ساعات معينة كزهر اللبين فإنه يبتسم عند ساعات انصداع الفجر ، ويقطب قبل الشروق بساعة ، وزهر البقلة الحمقاء يبتسم قبيل الظهر بقليل ،