(والثالث) : أنه تعالى عند تكوينها نضد بعضها فوق بعض وأعدها لإهلاك الظلمة.
(واعلم) أن قوله : (مَنْضُودٍ) [هود : الآية ٨٢]. صفة لسجيل.
(الصفة الثالثة) : مسومة هذه الصفة صفة للأحجار ، ومعناها المعلمة ، واختلفوا في كيفية تلك العلامة على وجوه :
(الأول) : قال الحسن والسدي : كان عليها أمثال الخواتم.
(الثاني) : قال ابن صالح رأيت منها عند أم هانئ حجارة فيها خطوط حمر على هيئة الجزع.
(الثالث) : قال ابن جريج كان عليها سيما لا تشارك حجارة الأرض تدل على أن الله تعالى إنما خلقها للعذاب.
(المسألة الثالثة)
قال علماء الهيئة : لم يعلم إلى الآن بالضبط الارتفاع الذي تبدأ فيه مشاهدة هذه الآثار ، فإن بعضهم شاهدها في علو ينوف عن ثلاثمائة ميل ، وآخرون رأوها قريبة من سطح الأرض ، وهي كما تحصل على الأرض تظهر في البحر وتتمزق فيه ، بل يقال. إنها سقطت حجارة جوية على سفن بينها وبين الجزائر والبرور مسافة كبيرة جدا وأهلكتهم ، وقد أمعن الفلاسفة في الأزمنة السالفة أفكارهم وتأملاتهم في هذا الأكر النارية وأمطارها الحجرية ، وذكرها بعدهم علماء كل عصر ولم يختلفوا في أوصافها العمومية ، وإنما حصل الاختلاف في بعض أشياء خصوصية ، وقد اطلع بعضهم على الكتب القديمة فوجد حصول هذا الأثر أكثر من مائتي مرة واستمر القدماء زمنا طويلا يعتبرونها أثر غضب آلهتهم وانتقامهم ، وحفظت تلك الحجارة مقدسة عندهم في معابد وهياكل كثيرة ، ومعدودة آية دالة على عظم جبروته سبحانه وتعالى وقوة سلطانه ، وهذه الحجارة متشابهة الطبيعة ولا تختلف عن بعضها إلا في مقدار أجرامها وصلابتها ودقة حباتها ، وعدد الجواهر الداخلة في تركيبها ومقاديرها ولها ، أسماء كثيرة مثل : حجارة الصاعقة وحجارة القمر والحجارة الجوية والحجارة السماوية والحجارة العلوية وغير ذلك ، ولم يعثر المعدنيون المشتغلون بمعادن الأرض إلى الآن على معادن أو حجارة شبيهة بتلك الحجارة ، وتحصل الأكر النارية في جميع البلاد وتتمزق في جميعها على حد سواء وحلل حجارتها كثير من الكيماويين وذكروا نتيجة أعمالهم فلم يتبين لهم أن هذه الحجارة فيها مشابهة لحجارة أرضنا ، واستظهر كثير من الطبيعية في أصل هذه الأحجار آراء مختلفة