والأشعة الضوئية قابلة لأن يحصل في أسطحتها الجانبية نوع تغير إذا انعكست أو انكسرت بكيفية مخصوصة ، وسمي ذلك بتقطب الضوء ، وألوان الأشعة كثيرة تنتشر وتختلط ببعضها ، وقد ميز بعض منها واعتبر ذلك المميز أنه هو الألوان الأصلية لها ، وتلك الألوان هي الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والنيلي والبنفسجي ، وإذا انضمت جميع الأشعة وانعكست على البصر تولد ما يسمى باللون الأبيض ، وإذا فقدت كلها حصل ما يسمى باللون الأسود ، وإذا تشرب جزء منها وانعكس جزء تولدت من تلك الألوان الكثيرة ألوان.
وفيه جملة أمور : وهي الفجر ، والشفق ، وضوء الشروق ، وقوس قزح ، والسراب ، والهالات ، والشموس ، والأقمار ، والصاعقة ، والرعد ، والفجر الشمالي ، والضياء المنطقي ، والنيران الطيارة ، والشهب الساقطة ، والشعلة المضيئة ، والأكر النارية ، والحجارة الساقطة من الجو وهذه الأمور موضحة في كتب الفلاسفة.
(في قوله تعالى :
(اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (٤٩) فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٥٠)))
بين دلائل الرياح على التفصيل الأول ، وفي إرسالها قدرة وحكمة.
أما القدرة فظاهرة فإن الهواء اللطيف الذي يشقه البق يصير بحيث يقلع الشجر ، وهو ليس بذاته كذلك فهو بفعل فاعل مختار.
وأما الحكمة ففي نفس الهبوب وفيما يفضي إليه من آثار السحب ، ثم ذكر أنواع السحب : فمنه ما يكون متصلا ومنه ما يكون منقطعا ، ثم المطر يخرج منه ، والماء في الهواء أعجب علامة للقدرة وما يفضي إليه من إنبات الزرع وإدرار الضرع حكمة بالغة ، ثم إنه لا يعم بل يختص به قوم دون قوم وهو علامة المشيئة ، وقوله تعالى : (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ) [الرّوم : الآية ٤٩]. اختلف المفسرون فقال بعضهم : هو تأكيد كما في قوله تعالى : (فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها) [الحشر : الآية ١٧].
وقال بعضهم : من قبل التنزيل من قبل المطر ، والأولى أن يقال من قبل أن ينزل عليهم من قبله أي من قبل إرسال الرياح ، وذلك لأنه بعد الإرسال يعرف الخبير أن الريح هل فيها