بسم الله الرّحمن الرّحيم
إن أبه روض ابتسمت أزهاره بأطيب الأريج ، وأزهى دوح أينعت أثماره بكل زوج بهيج حمد من غرس في قلوب أهل مودته التصديق والإيمان ، ووعدهم على طاعته بجنة فيها من كل فاكهة زوجان ، فسبحانه من إله قادر ماجد أوجد من النبات صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد تحير أولو الأبصار ببديع قدرته ، واندهش ذوو الاستبصار في آلاته وحكمته لا نحصى ثناء عليه ولا نشرك به أحدا.
والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا ، ونسأله من فضله وإحسانه وجوده وامتنانه أن يرسل شآبيب مزن رضاه وإكرامه ، ويهطل سحب صلاته وسلامه على أصل شجرة الهداية الرحمانية الثابت بالحكمة الربانية سيدنا محمد الداعي إلى سبيل الرشاد الذي أنزلت عليه (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠) رِزْقاً لِلْعِبادِ.) وعلى آله فروع الشجرة الزكية ذوي الرتبة العلية ما فاح عبير الرياض بالأرواح آمين.
(أما بعد):
فإن من جملة بدائع القدرة في المخلوقات إيجاد الأشجار والثمار والنباتات ، والتأمل في كيفية تكونها مما يقوى الإيمان برب الأرض والسماوات ، فأحببت أن أبين ما يتعلق بذلك مما وقفت عليه في كتب أهل العلم والإتقان رجاء العفو والغفران فأقول :
(الباب الثالث
في تفسير الآيات الشريفة المتضمنة لذكر النباتات وفيه مقالات)
وكل مقالة منها تشتمل على مسائل ومباحث :
(المقالة الأولى)
في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١١)).