وأسماك ذات قشور صلبة لامعة وأنواع من الورل ذات جثة مهولة ، ومن العجيب رؤية درجة الإتقان التي وصلت إليها معرفة الحيوانات التي خلقت قبل الطوفان الأول في عصرنا هذا فما أعجب هذه المخلوقات التي كانت في الزمن الذي نحن بصدده ، فإن البحار كانت مملوءة بحيوانات غريبة كالتي ذكرناها ، وكان يسبح على أمواجها قواقع أمونية عديدة كالزوارق ، كان محيطها كعجلة العربة ، وكانت سلاحف كبيرة وتماسيح تزحف على شواطئ النهيرات والبرك ولم يكن في الزمن المذكور حيوان ثديي ولا طير إنما خلقت فيه بعض حشرات ذات أجنحة كانت تطير في الهواء ، وكانت الأرض قد بردت قليلا في المدة الجوراوية وقل استمرار الأمطار وكثرتها ونقص الضغط الجوي أيضا ، وجميع هذه الأحوال كانت تناسب ظهور وتضاعف الحيوانات العديدة التي ظهرت على سطح الأرض حينئذ ولا يحصى مقدار كل من الحيوانات الرخوة والحيوانات الشعاعية التي يوجد من بقاياها في الأرض الجوراوية طبقات ذات ارتفاع واتساع عظيمين ، وتضاعفت في نفس هذه الأحوال النباتات فكما أن شواطئ البحار كانت معمورة بالزواحف المهولة التي ذكرناها ، كانت النباتات التي تنبت بالأراضي القارة ذات صفات مخصوصة مميزة لها فلا يوجد في عصرنا هذا من النباتات ما يشبه نباتات المدة التي نحن بصددها.
فإن ارتفاع درجة الحرارة وانشحان الجو بالرطوبة ، وتأثير الأشعة الشمسية كل ذلك كان يساعد على تقوية الإنبات كما يشاهد ذلك في عصرنا هذا في بعض الجزائر المدارية ، وقد فنيت أنواع الولتزيا المنسوبة للأرض الثلاثية في المدة المذكورة ونباتاتها شبيهة بنباتات الفصيلة النخلية وأجناسها كثيرة ، ولنذكر الأنواع النباتية التي تتميز بها اللباسية ، وهي الفصيلة السرخسية وفصيلة السبقاس والفصيلة الصنوبرية.
(في التكوين البطارخي الملبسي):
إنما سمي بهذا الاسم ؛ لأن جملة من الأحجار الجيرية التي يتكون منها تنشأ من انضمام حبوب صغيرة مستديرة تشبه بيض السمك المعروف بالبطارخ أو كبيرة تشبه الملبس ، وينقسم هذا التكوين إلى ثلاثة أدوار :
وهي الدور الملبسي السفلي والمتوس العلوي ، فالدور الملبسي يبتدئ بحجر جيري ملبسي حديدي ، وهذا الحجر يحتوي على كثير من الحفريات وخصوصا على أنواع من القوقع الأموني ، ويوجد فوقه طفل يسمى بطين الجوخ ؛ لأنه يستعمل ببلاد الإنجليز في إزالة المواد الدسمة.