وأوصوا بالزوفا علاجا للسعال ؛ فلذا اعتبروها نباتا صدريا يستعمل في نهاية الاستواء ، أي البرد الرئوي ، وفي الربو الرطب والنزلات المزمنة إذا أريد تقليل الإفراز الغزير الحاصل من الغشاء لنغشى للطرق الهوائية أو قطعه تدريجا فيراد بمساعدة الفعل المنبه الذي يفعله منقوع الزوفا أو شرابها على الرئتين تغيير حالتهما المرضية وإرجاعهم إلى الحالة الطبيعية ، وذكر قدماء المؤلفين أن الزوفا مقطعة للأخلاط ، ومحللة ؛ لأنها في تلك الحالة الاحتقان الدموي بتنبيه في الأعضاء التنفسية يحفظ تكون المواد الخارجة بالنفث لكن هل الزوفا مناسبة إذا كانت العوارض الآتية من الرئتين محفوظة بالتهاب في أعضاء النفس أو بانصاب في البليورا أو بآفة في القلب كتمدد في بطنه الأيمن أو ضخامة في جدران ذلك البطن نقول : لا.
ومدحوا لها نتائج حميدة في السل لكن لا يلتف لما ذكروه من النجاح الذي نسبوه لها في أشخاص متقرحة رئتهم ، وإنما نجزم بأن هؤلاء الأشخاص إنما كان معهم مجرد التهابات عتيقة في الغشاء المخاطي للشعب ، لكن بدون تنوع مرضي ، ولا استحالة في المنسوج الرئوي ، فإذا استعملت في السل الحقيقي فإنما ذلك لتلطيف بعض الأعراض المتسلطنة ، والتخفيف على المرضى بتسهيل النفث ، ولا ينال منها أكثر من ذلك ، ويكفي أن تعرف حالة الرئتين في ذلك السل حتى يحكم هل للفعل المنبه تأثير في الدرن المتضاعف على أسطحتهما أو في الآفات المهولة التي تسببها تلك الدرنات في هذه الأحشاء ، ومناسبة هذا النبات لأمراض الصدر ليست مزية مخصوصة ، فإن أغلب النباتات الشفوية مثله في ذلك ، غير أن العادة في العمل أنه إذا أريد التأثير على المجموع التنفسي تفضل الزوفا والعليق الأرضي على غيرهما من نباتات الفصيلة. ومن المعلوم أنه يمنعه استعمال الزوفا إذا كان هناك حرارة وتهيج أو التهاب الطرق الهوائية ، أو كان السعال يابسا متعبا للمريض ، أو كان الخارج بالسعال مواد مخاطية مدممة ؛ لأن القواعد الفعالة للزوفا المستعملة حينئذ تزيد في شدة هذه العوارض لكونها تقوى الفعل المرضى الذي مجلسه في الأعضاء الرئوية ، وقيل أيضا : إن الزوفا مدرة للطمث ؛ لأن قوتها المنبهة تحرض حركته كغيرها من النباتات الشفوية ، وتستعمل أيضا علاجا للاستعداد الحصوي ؛ ولأجل طرد الديدان ، وتوضع على الجلد في الاجزنتيما المرتدعة في الجسم وفي الأوجاع العضلية ونحو ذلك ، وتستعمل غرغرة في الخناقات النزلية المخاطية والغنغرينية ، وتستعمل قطرات في الأرماد التي طبيعتها كذلك فتعطي تلك الأعضاء كيفية أخرى في التأثير ، وتوضع من الظاهر محمرة ومحللة ، وفي بلاد الفرس تغسل الأوجه بمنقوعها ، وتستعمل كاستعمال الشاي لتقوية المعدة ، وقدماء الأطباء ذكر هذه الخواص كلها فلا حاجة لإعادتها عنهم ، وتدخل في شراب البرنجاسف المركب والبلسم الهادي وغير ذلك.