المرجانية ببغداد. وفي سنة (١٢٦٣) انفصل عن منصب الإفتاء وبقي مشتغلا بتفسير القرآن ، حتى أتمّه ، وسافر به إلى القسطنطينية ، ليعرض تفسيره على السلطان عبد المجيد خان ، لينال إعجابه ورضاه.
وتفسيره هذا جامع لآراء السلف وأقوال الخلف ، مشتملا على مقتطفات كثيرة من تفاسير من تقدّمه ، كتفسير ابن عطية ، وتفسير أبي حيان ، وتفسير الكشاف ، وأبي السعود ، وابن كثير ، والبيضاوي ، والأكثر من الفخر الرازي. وربما نقد المنقول من هذا التفسير ، ولكن قليلا.
وهو في تفسيره يتعصّب للمذهب السلفي أصولا وفروعا ، باد عليه تعصّبه ، ولذلك نراه لم يراع أدب الكتابة في كثير من الأحيان.
مثلا عند تفسيره لقوله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)(١). يقول بعد كلام طويل ولجاج عنيف : وإضافته ـ أي الطغيان ـ إليهم ؛ لأنه فعلهم الصادر منهم ، بقدرهم المؤثرة بإذن الله تعالى ، فالاختصاص المشعرة به الإضافة ، إنما هو بهذا الاعتبار ، لا باعتبار المحلية والاتّصاف ، فإنه معلوم لا حاجة فيه إلى الإضافة ، ولا باعتبار الإيجاد استقلالا من غير توقّف على إذن الفعّال لما يريد ، فإنه اعتبار عليه غبار ، بل غبار ليس له اعتبار. فلا تهولنّك جعجعة الزمخشري وقعقعته (٢).
وهو تفسير فيه تفصيل وتطويل ، وأحيانا بلا طائل. إنه يستطرد إلى الكلام في الصناعة النحويّة ، ويتوسّع في ذلك ربّما إلى حدّ يكاد يخرج به عن وصف
__________________
(١) البقرة / ١٥.
(٢) روح المعاني ، ج ١ ، ص ١٤٨.