وأخرج ابن أبي الدنيا ، وأبو الشيخ عنه أيضا ، قال : خلق الله تعالى جبلا يقال له : قاف ، محيط بالعالم ، وعروقه إلى الصخرة التي عليها الأرض ، فإذا أراد الله تعالى أن يزلزل قرية أمر ذلك الجبل فيحرك العرق الذي يلي تلك القرية ، فيزلزلها ، ويحرّكها ، ثم تحرّك القرية دون القرية.
وكل ذلك كما قال القرافي لا وجود له ، ولا يجوز اعتماد ما لا دليل عليه ، وهو من خرافات بني إسرائيل الذين يقع في كلامهم الكذب ، والتغيير ، والتبديل ، دسّت على السذّج من المفسّرين ، أو تقبّلوها بحسن نية. ورووها لغرابتها ، لا اعتقادا بصحتها ، ونحمد الله أن وجد في علماء الأمة من ردّ هذا الباطل ، وتنبّه له قبل أن تتقدّم العلوم الكونية ، كما هي عليه اليوم. ومن العجيب أن يتعقّب كلام القرافي ابن حجر الهيثمي ، فقال : ما جاء عن ابن عباس مروي من طرق خرّجها الحفاظ وجماعة ، ممن التزموا تخريج الصحيح ، وقول الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه ، حكمه حكم المرفوع إلى النبي.
ولكن نقول للشيخ الهيثمي : إن تخريج من التزم الصحة ليس بحجّة ، وكم من ملتزم شيئا لم يف به ، والشخص قد يسهو ويغلط مع عدالته ، وأنظار العلماء تختلف ، والحاكم صحح أحاديث ، حكم عليها الذهبي وغيره بالوضع ، وكذلك ابن جرير أخرج روايات في تفسيره ، حكم عليها الحافظ بالوضع ، والكذب. ولو سلمنا إسنادها إلى ابن عباس ، فلا ينافي ذلك أن تكون من الإسرائيليات الباطلة ، الموضوعة عنه.
ثم إنا نقول للهيثمي ومن يرى رأيه : أي فائدة نجنيها من وراء هذه المرويّات التي لا تتقبّلها عقول تلاميذ المدارس ، فضلا عن العلماء؟!! اللهم إلّا أننا نفتح ـ بالانتصار لها ـ بابا للطعن في عصمة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإذا جاز هذا في عصور الجهل والخرافات فلا يجوز اليوم ، وقد أصبح روّاد الفضاء يطوفون حول