الحرام ، والسرقة ، والزنى وشرب الخمر. فلبثا على ذلك في الأرض زمانا ، يحكمان بين الناس بالحقّ ، وذلك في زمان إدريس. وفي ذلك الزمان امرأة حسنها فى سائر الناس كحسن الزهرة في سائر الكواكب وأنها أتت عليهما فخضعا لها بالقول ، وأنهما أراداها (١) على نفسها ، فأبت إلّا أن يكونا على أمرها ودينها ، وأنهما سألاها عن دينها ، فأخرجت لهما صنما ، فقالا : لا حاجة لنا في عبادة هذا. فذهبا فصبرا ما شاء الله ، ثم أتيا عليها ، فخضعا لها بالقول ، وأراداها على نفسها ، فأبت إلّا أن يكونا على دينها ، وأن يعبدا الصنم الذي تعبده ، فأبيا ، فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم ، قالت لهما : اختارا إحدى الخلال الثلاث : إما أن تعبدا هذا الصنم ، او تقتلا النفس ، أو تشربا هذا الخمر. فقالا : كلّ هذا لا ينبغي ، وأهون الثلاثة شرب الخمر ، وسقتهما الخمر ، حتى إذا أخذت الخمر فيهما وقعا بها (٢). فمر بهما إنسان ، وهما في ذلك ، فخشيا أن يفشي عليهما ، فقتلاه ، فلمّا أن ذهب عنهما السكر ، عرفا ما قد وقعا فيه من الخطيئة ، وأرادا أن يصعدا إلى السماء ، فلم يستطيعا. وكشف الغطاء فيما بينهما ، وبين أهل السماء ، فنظرت الملائكة إلى ما قد وقعا فيه من الذنوب ، وعرفوا أنّ من كان في غيب فهو أقل خشية ؛ فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض. فلما وقعا فيما وقعا فيه من الخطيئة ؛ قيل لهما : اختارا عذاب الدنيا ، أو عذاب الآخرة ، فقالا : أمّا عذاب الدنيا فينقطع ، ويذهب وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له ، فاختارا عذاب الدنيا ، فجعلا ببابل ، فهما بها يعذّبان معلّقين بأرجلهما. وفي بعض الروايات ، أنهما علّماها الكلمة التي يصعدان بها إلى السماء ، فصعدت ، فمسخها الله ، فهي هذا الكوكب المعروف
__________________
(١) راوداها عن نفسها.
(٢) أي فعلا بها الفاحشة.