بنحو التخيير ، والأصل إنما يجري بلحاظ الأول كما لا يخفى.
واما القول الثالث : فقد استدل له بوجوه :
الوجه الأول : ان دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ، فحيث انه لو كان حراما ، ففي فعله المفسدة ، ولو كان واجبا لزم من تركه فوت المصلحة ، ودفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ، إذ اهتمام الشارع والعقلاء بدفع المفسدة أتم ، فيتعين الترك وتقديم جانب الحرمة.
وفيه : ان العقل لا يحكم بذلك إذ ربما يكون الواجب أهم فيحكم العقل بتقديمه ، ولم يرد من الشارع ما يدل عليه من آية أو رواية ، مع ان هذا لو تم فإنما هو فيما إذا كانت مفسدة محرزة ومصلحة كذلك وتردد الأمر بينهما ، وأما في المقام الذي يجري البراءة كما هو الحق ، ويدفع الحرمة فكيف يمكن ان يحكم العقل بتقديم جانب الحرمة ، كيف ولو لم يحتمل إلا الحرمة وكان المحتمل الآخر هو الإباحة لجاز الفعل ومخالفة الحرمة على تقدير وجودها ، ولا يجوز ذلك فيما لو كان المحتمل الآخر هو الوجوب.
الوجه الثاني : المرسل المروي عن الإمام على أمير المؤمنين (ع) اجتناب السيئات أولى من اكتساب الحسنات (١).
وقوله (ع) : افضل من اكتساب الحسنات اجتناب السيئات (٢).
وفيه أولا : انه ضعيف السند.
__________________
(١) غرر الحكم ص ١٨٥ ح ٣٥١٤.
(٢) غرر الحكم ص ٢٧٣ ح ٥٩٦٧.