الآخر هو الحرمة ، فحيث ان له ذلك فله رفع كل منهما.
وبالجملة الذي لا يمكن هو وضع التكليفين معا ، وأما كل منهما بالخصوص فيمكن وضعه ، ولا يعتبر في صحة رفع التكليف عنهما أزيد من إمكان وضع كل منهما بالخصوص ، نظير ذلك ما لو أمر المولى عبده بعدم دخول دار كل أحد في أول طلوع الشمس ، وهذا التكليف معقول ممكن ، مع ان العبد لا يقدر على دخول دار كل أحد في أول طلوع الشمس ، وليس ذلك إلا من جهة انه حيث يكون العبد قادرا على دخول كل دار بالخصوص ، فللمولى ان يأمر بترك الجميع.
وبعبارة أخرى : انه لا يعتبر في رفع التكليف عن شيئين أو الأمر بتركهما ، إلا القدرة على كل واحد بالخصوص ولا يعتبر القدرة عليه حتى في حال انضمام الآخر ، وفي المقام حيث انه للمولى ان يضع كلا من التكليفين بالخصوص فله الرفع عن كل منهما.
الوجه الخامس : ما عن المحقق العراقي (ره) (١) وهو ان أدلة البراءة إنما تجرى فيما إذا لم يكن هناك ما يقتضي الترخيص بحكم العقل بمناط الاضطرار والتكوين ، ومع وجوده لا ينتهي الأمر إلى الترخيص الظاهري بمناط عدم البيان ، وفي المقام العقل مستقل بالترخيص بمناط الاضطرار والتكوين.
وفيه : ان المكلف بالنسبة إلى كل تكليف بالخصوص الذي هو مورد الأصل ، لا يكون مضطرا في مخالفته ، وإنما الاضطرار بالنسبة إلى مخالفة أحدهما
__________________
(١) نهاية الأفكار ج ٣ ص ٢٩٣.