الآيتين ، والله أعلم ، وقد تقدّم أن القصد بغضبه تعالى إلى إنزال عقابه ، دون تغيّر حال يعتري ذاته ، تعالى الله عن التغيّرات (١) ، ولعنته في الدنيا : إبعاده من لعنه عن الصفات النفيسة التي يتخصص به أولياؤه ، وفي الآخرة عقابه وتبعيده عن ثوابه (٢).
قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً)(٣).
قرئت : تثبتوا وتبينوا (٤) ، وقيل : التبيّن أبلغ (٥) ؛ لأنه قل ما يكون إلا بعد التثبّت (٦) ، وقد يكون التثبّت ولا
__________________
(١) انظر ص (٣٦٧) من هذه الرسالة.
(٢) تقدم ذكر معنى اللعن. انظر ص (١٨٧) من هذه الرسالة.
(٣) سورة النساء ، الآية : ٩٤.
(٤) قرأ حمزة والكسائي وخلف : (فتثبّتوا) بالثاء. وقرأ الباقون : (فتبيّنوا).
انظر : حجة القراءات ص (٢٠٩) ، ومعاني القراءات ص (١٣٢) ، والمبسوط ص (١٥٧) ، والغاية ص (٢٢٨) ، وغاية الاختصار (٢ / ٤٦٦).
(٥) قال النحاس : «(وتبينوا) في هذا أوكد ، لأن الإنسان قد يتثبت ولا يتبين» إعراب القرآن (١ / ٤٨١).
(٦) قال أبو هلال : «والتبيين : علم يقع بالشيء بعد لبس فقط» ، الفروق ص