وإن كان متجها ، فأهل الأثر على ما تقدّم. إن قيل : على أي وجه خلق زوجها منها أخذ جزءا فجعل زوجها؟ / قيل : قال بعضهم : الشيئان قد يقال لأحدهما : هو من الآخر. إذا كان من عنصره وأصله ، كقولك : هذا القميص من قميصك. وقد يقال ذلك إذا كانا مشتركين في صفة (١) ، نحو (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ)(٢) ، وقال بعضهم : أخذ جزءا من آدم ، وجعل منه حواء (٣) ، وعلى ذلك روي : «خلقت حواء من ضلع من أضلاع» (٤) ، وقال
__________________
(١) هذا القول اختاره أبو مسلم الأصفهاني كما ذكر الرازي والنيسابوري في تفسيريهما. وقد ردّ المفسرون هذا القول بقولهم : إذا كانت حواء مخلوقة ابتداء لكان الناس مخلوقين من نفسين لا من نفس واحدة كما ذكر تعالى.
انظر : تفسير القرآن للسمعاني (١ / ٣٩٣) ، والمحرر الوجيز (٥ / ٧) ، والتفسير الكبير (٩ / ١٣١) ، وتفسير غرائب القرآن (٢ / ٣٤٠) ، والبحر المحيط (٣ / ١٦٣) ، وزاد نسبته لابن بحر.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ١٩٥.
(٣) وهذا قول ابن عباس ومجاهد والسدي وقتادة والضحاك والحسن ، وهو قول جماهير المفسرين. انظر : جامع البيان (٧ / ٥١٥ ، ٥١٦) ، وتفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (٣ / ٨٥٢ ، ٨٥٣) ، والنكت والعيون (١ / ٤٤٦) ، وتفسير القرآن للسمعاني (١ / ٣٩٣) ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (١ / ٤٢٤).
(٤) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (٧ / ٥١٥ ، ٥١٦) عن قتادة وابن إسحاق ، وابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم (٣ / ٨٥٢) عن الضحاك.