نبّه تعالى أن التفكر في ذلك يدل على وحدانية الله تعالى ، وأن جميع هذه الأشياء لا تنفكّ من ثلاثة أضرب : إمّا موجود العين ، قائم الجوهر ، قابل للانتقال وتبدّل الأمكنة بأجزائه : كالسماء والنجوم ، وإمّا قابل للاستحالة والتغير بجملته وأجزائه ، وذلك كالأرض وما عليها ، وإمّا أن يكون مما لا بقاء له بحاله ، بل ينصرم ، ويقابله نظيره كالليل والنهار ، وقد ذكر ثلاثتها ، ونبّه على حدوثها ، لأن المتنقل لا ثبات له ، والمستحيل لا بقاء له ، وما كان هذا حاله فغير منفك من دلالة الحدث ، وما لم يخل من محدث / فمسخّر له ، ومحال أن يكون المسخّر المحدث أزليّا واجب الوجود (١) ، فإذن لا بد له من موجد يوجده ، وموجده (٢) واجب الوجود ، وذلك هو الباري تعالى (٣) ، (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ
__________________
(١) واجب الوجود : هو الذي يكون وجوده من ذاته ، ولا يحتاج إلى شيء أصلا. انظر : التعريفات ص (٢٦١).
(٢) في الأصل طمس على الأحرف الثلاثة الأولى من الكلمة ، وصورة ما بقي تدل على ما أثبته.
(٣) قال شارح الطحاوية : «... فإن الموجودات لا بد أن تنتهي إلى واجب الوجود لذاته قطعا للتسلسل ، فإن نشاهد حدوث الحيوان والنبات والمعادن ، وحوادث الجو كالسحاب والمطر وغير ذلك ، وهذه الحوادث وغيرها ليست ممتنعة ، فإن الممتنع لا يوجد ، ولا واجبة الوجود بنفسها ، فإن واجب الوجود بنفسه لا يقبل العدم. شرح العقيدة الطحاوية (١ / ٧٦).