الآية ، وإحياء عيسى الأموات أكثر تأدية إليه ، وأما على طريقة المتصوفة المذكورة في قوله : (قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا)(١) فإنهم قالوا : لما كان الإنسان مركبا من بدن وروح ، والعقل تابع للروح ، والهوى تابع للبدن ، وبتوهين أحدهما تقوية الآخر ، نبّه تعالى أن [من](٢) جاهد نفسه ، وقتل هواه في سبيل الله فلا تحسبنّه ميتا ، وعلى هذا قيل : قتل النفس في الدنيا حياة الآخرة (٣) ، إن قيل : لم وصفهم بالفرح (٤) ، وقد قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ)(٥)؟ قيل : الفرح تجاوز الحد في السرور بالملاذّ (٦) ، ولما كانت
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ١٦٧.
(٢) ساقطة من الأصل ، والسياق يقتضيها.
(٣) قال القشيري : الحياة بذكر الحق بعد ما تتلف النفوس في رضاء الحقّ أتم من البقاء بنعمة الخلق مع الحجبة عن الحق. ويقال : إن الذي وارثه الحيّ الذي لم يزل فليس بميت وإن قتل :
إذا كان العبدان للموت أنشئت |
|
فقتل امرئ في الله لا شك أفضل |
لطائف الإشارات (١ / ٣٠٨).
(٤) في قوله تعالى : (فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) آل عمران : ١٧٠.
(٥) سورة القصص ، الآية : ٧٦.
(٦) قال في المفردات : الفرح : انشراح الصدر بلذة عاجلة ، وأكثر ما يكون ذلك في اللذات البدنية الدنيوية ... ولم يرخص في الفرح إلا في قوله تعالى : (فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) [الروم : ٤]. المفردات ص (٦٢٨).