وأصله الجمع ، فكأن من اجتباه الله ضمّه إلى نفسه حتى يكون له بأجمعه (١) ، بخلاف من قال : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ)(٢) وإلى ذلك الإشارة بقوله : (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي)(٣) وتحقيق التمييز من الله لا على سبيل التعرف ، بل ليحصّل الخبيث خبيثا والطيب طيبا ، وذلك حقيقة التكليف (٤) ، وقد كرّر الله تعالى هذا المعنى مع كل فصل ، فقال :
__________________
ـ الخفاء (٢ / ٣٢٤) ، والمقاصد (٧٠١) ، وضعيف الجامع (٥٩٨٨) ، وأسنى المطالب (١٦١٨) ، والحلية (٣ / ٢٥٥).
(١) قال الأزهري : «الجبا : بكسر الجيم : ما جمعت في الحوض من الماء ... وقال الله : (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ)[يوسف : ٦] قال الزجاج : معناه ، وكذلك يختارك ويصطفيك ، وهو مشتق من جبيت الشيء إذا حصلته لنفسك ، وفيه جبيت الماء في الحوض ...» تهذيب اللغة (١١ / ٢١٤ ، ٢١٥). وانظر : العين (٤ / ١٩٢) ، ومعجم مقاييس اللغة ص (٢٣٣) ، والصحاح (٦ / ٢٢٩٨) ، والمفردات ص (١٨٦) ، واللسان (١٤ / ١٢٨ ـ ١٣١).
(٢) سورة الزمر ، الآية : ٢٩.
(٣) سورة طه ، الآية : ٤١.
(٤) انظر : جامع البيان (٧ / ٤٢٤) ، وفيه أن التمييز يكون بالمحن والاختبار. وقال ابن كثير : «أي لا بد أن يعقد شيء من المحنة حتى يظهر فيه وليّه ، ويفضح به عدوه ، يعرف به المؤمن الصابر ، والمنافق الفاجر ، يعني بذلك يوم أحد الذي امتحن الله به المؤمنين ...» تفسير القرآن العظيم لابن كثير (١ / ٤٠٨). وانظر : البحر المحيط (٣ / ١٣٠).