الناس على الاستعانة بتقوى عقوبته ، والطاعة له ولرسوله في ترك الربا وغيره من المعاصي ؛ ليصلوا إلى الرحمة (١) ذريعة إلى الفلاح (٢). إن قيل : الفلاح لا يخرج من أن يكون رحمة ، قيل : صحيح ، ولكن الرحمة أعم من الفلاح ، فكلّ فلاح رحمة ، وليس كلّ رحمة فلاحا ، ومن قال في قوله : (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) دلالة أن لا فاسق فيها ، فليس باستدلال يوجب الركون إليه ، لأن ما يصحّ أن يشترك فيه أقوام إذا قيل : أعدّ لفلان. فليس فيه أنه لم يعدّ لغيره. ثم قد ثبت أن النار دركات ، فأكثر ما في ذلك أن النار المعدّة للكافر ليست للفاسق (٣).
قوله تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)(٤) إن قيل : ما الفرق بين
__________________
(١) قال الراغب : رقة تقتضي الإحسان إلى المرحوم ، وقد تستعمل تارة في الرقة المجردة ، وتارة في الإحسان المجرد عن الرقة ، نحو : رحم الله فلانا ، وإذا وصف به الباري فليس يراد به إلا الإحسان المجرد دون الرقة. المفردات ص (٣٤٧).
(٢) قال الراغب : «الفلاح : الظفر وإدراك بغية ...» المفردات ص (٦٤٤) وقال الفيروز آبادي : «الفلاح : الفوز والنجاة والبقاء في الخير». القاموس ص (٣٠٠).
(٣) انظر : المحرر الوجيز (٣ / ٢٢٨) ، والتفسير الكبير (٩ / ٤) ، وتفسير غرائب القرآن (٢ / ٢٥٨) ، والبحر المحيط (٣ / ٥٨) ، ونظم الدرر (٢ / ١٥٦).
(٤) سورة آل عمران ، الآية : ١٣٣.