أخصّ من الهبة ، إذ كل هبة نحلة ، وليس كل نحلة هبة (١) ، وسمّي الصداق بها من حيث لا يجب في مقابلته أكثر من تمتّع دون عوض مالي (٢). وقول قتادة وابن زيد : النّحلة : الفريضة (٣) ، فنظر منهم إلى حكم الآية ، لا إلى موضوع اللفظ والاشتقاق ، واقتضت إيجاب إيتائهن الصداق ، ثم حكمه وقدره قبل الدخول وبعده ، وقبل التسمية وبعدها ، فمأخوذ من غير الآية. ودلّ بقوله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ) أن لا يتحرّج الإنسان من قبول هبتها عن طيب نفس منها بها ، ودلّت الآية على أنه يجوز لها أن تهب صداقها إذا كانت بالغة ، خلافا لما قال مالك (٤) : إن ذلك
__________________
(١) انظر : الفروق ص (١٨٤ ، ١٨٥).
(٢) انظر : المفردات ص (٧٩٥) ، والنكت والعيون (١ / ٤٥١) ، وفرّق ابن قتيبة بين النّحلة والهبة ، بأنّ الأولى لا تكون إلا عن طيب نفس. انظر : تفسير غريب القرآن ص (١٢٠) ، وانظر : مجاز القرآن (١ / ١١٧) ، ومعاني القرآن وإعرابه (٢ / ١٢) ، ومعاني القرآن للنحاس (٢ / ١٧) ، وحياة الحيوان الكبرى (٢ / ٣٤٠) ، والأشباه والنظائر في النحو (٧ / ١٩).
(٣) انظر : جامع البيان (٧ / ٥٥٣) ، وتفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (٣ / ٨٦١) ، والنكت والعيون (١ / ٤٥١) ، ومعاني القرآن وإعرابه (٢ / ١٢) ، وذكره السمعاني في تفسير القرآن عن ابن عباس (١ / ٣٩٧) ، وكذلك أبو حيان في البحر المحيط (٣ / ١٧٤) ، ذكره عن ابن عباس وابن جريج وابن زيد وقتادة.
(٤) أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الأصبحي المدني ، إمام دار الهجرة ،