ارتكاب المحارم ، وزمّوها (١) عن احتقاب المآثم (٢) إن لم تقدروا على الأول ، ثم عيّرهم بقولهم : (لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ)(٣) ، أي لو صادفنا من أنفسنا منكرا لارتسمنا ما رسمتم ، تنبيها أنه خفي عليهم عيوب أنفسهم (٤) ، وقوله : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ) تنبيه على نفاقهم ؛ وذاك أن المنافق كأنّه بين الكافر والمؤمن ، فإنه من حيث ما يظهر الشهادتين ، ويلتزم ظواهر الشريعة بالقول ، وظواهر الأعمال محكوم له بالإيمان ، ومن حيث يتحرى في اعتقاده تحري الكفار كافر ، وبين أحوال المنافقين تفاوت ، بيّن تعالى بهذا القول أنهم في هذا القول بالكفار أشبه منهم بالمسلمين (٥) ،
__________________
(١) زموها : أي شدوها. انظر القاموس ص (١٤٤٤). والمعنى هنا : امنعوها.
(٢) قال ابن فارس : «... ومنه : احتقب فلان الإثم ، كأنه جمعه». مجمل اللغة ص (١٧٩).
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٦٧.
(٤) مرادهم : أننا لو نعلم أن ما أنتم مقدمون عليه يصح أن يسمى قتالا لوافقناكم عليه ولخرجنا معكم ، ولكنكم تلقون بأيديكم إلى التهلكة. انظر : الوسيط (١ / ٥١٨) ، والكشاف (١ / ٤٣٧) ، وتفسير غرائب القرآن (٢ / ٣٠٥).
(٥) قال السمعاني : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ) يعني بعد رجوعهم ومقالتهم تلك ؛ لأنهم كانوا من قبل من المؤمنين في الظاهر وإن كانوا منافقين في الباطن ، فلما فارقوا المؤمنين صاروا أقرب إلى الكفر منهم إلى الإيمان» تفسير القرآن للسمعاني (١ / ٣٧٧) ، وانظر : جامع البيان (٧ / ٣٧٩) ، والوسيط (١ / ٥١٨) ، وتفسير غرائب القرآن (٢ / ٣٠٥) ،