الفريقين ، فأمر في الأولى بالتجافي وفي الثانية بقتلهم ، بيّن ها هنا خطر قتل المؤمنين ، وجعلهم صنفين : مقتولا خطأ ، ومقتولا عمدا. فبيّن حكم الخطأ وجعل المقتولين ثلاثة أصناف على ما فسرناه ، ثم بيّن حكم قتل العمد ، فقال تعالى :
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً)(١). العمد : فعل الشيء عن إرادة واختيار ، ويضاده الخطأ (٢) ، وصفة قتل العمد أن يقصده بحديدة أو حجر يقتل غالبا ، أو توبع عليه بخنق أو بسوط فتوالى عليه حتى يموت (٣) ، والآية قيل نزلت في رجل فقده الكفار ، وذاك أنه خرج [في](٤) سرية فنزلوا ماء ، فخرج من أصحابه عليهالسلام رجل فحمل عليه فقتله (٥) ، وقيل : هي في رجل رآه أخوه مقتولا في بني
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ٩٣.
(٢) قال ابن فارس : «عمدت للشيء إذا قصدت له ، وهو نقيض الخطأ» مجمل اللغة ص (٤٨٤) ، وانظر : المفردات ص (٥٨٥) ، والكليات ص (٥٩٩).
(٣) انظر أوجه قتل العمد في : جامع البيان (٩ / ٥٧ ـ ٦٠) ، وأحكام القرآن للجصاص (٢ / ٢٢٣) ، والوسيط (٢ / ٩٥) ، ومعالم التنزيل (٢ / ٢٦٤) ، والمغني (٧ / ٦٣٧) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ٣٢٩).
(٤) ساقطة من الأصل والسياق يقتضيها.
(٥) ذكر العلماء هذا السبب ضمن أسباب نزول الآية التي تلي هذه الآية