الله ، فلا تنوب إحداهما عن الأخرى (١) ، وقال الأصمّ : ظاهر الكتاب يدل على أن الدية تلزم القاتل ، لأنه قال : (فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) فعطفها على الكفارة ، ومعناه : عليه ذلك (٢). وإنما بيّن النبي صلىاللهعليهوسلم أن دية الخطأ تتحمّل العاقلة عن القاتل على سبيل المواساة ، لا أنه نسخ الكتاب بالسنة (٣) ، وقوله : (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) أي : يعفوا عن الدية ، فجعل العفو عنها صدقة منهم ، تنبيها على فضيلة العفو وحثّا عليه ، وأنه جار مجرى الصدقة في استحقاق الثواب الآجل به دون طلب العوض
__________________
(١) قال الطبري : الصواب من القول في ذلك : أن الصوم عن الرقبة دون الدية ، لأن دية الخطأ على عاقلة القاتل ، والكفارة على القاتل بإجماع الحجة على ذلك ، نقلا عن نبيّها صلىاللهعليهوسلم ، فلا يقضي صوم صائم مما لزم غيره في ماله. جامع البيان (٩ / ٥٦). وانظر : النكت والعيون (١ / ٥١٩) ، والمحرر الوجيز (٤ / ٢١١) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ٣٢٧) ، وزاد المسير (٢ / ١٦٥) ، والبحر المحيط (٣ / ٣٣٨).
(٢) ذكر هذا القول الرازي في التفسير الكبير (١٠ / ١٨٤) ، ونسبه للأصم وجمهور الخوارج.
(٣) قال الجصاص : «وليس في إيجاب الدية على العاقلة أخذهم بذنب الجاني ، إنما الدية عندنا على القاتل ، وأمر هؤلاء القوم بالدخول معه في تحمّلها على وجه المواساة له من غير أن يلزمهم ذنب جنايته ...» أحكام القرآن (٢ / ٢٢٤).