فمعناه صحيح ، وبيان ذلك أن فضل الله وإن كان لا تحصى تفصيلاته ، فالذي به هدانا إلى البلوغ إلى ثوابه فضلان : فضل العقل وفضل الشرع ، وعنى ها هنا بالفضل الشرع دون العقل ، وبيّن أنه لو لا ما أنعم به على الناس من رسوله وكتابه لما اهتدى من خلائقه بالعقل المجرد إلا قليل من الناس ، والقليل الذين لم يكونوا يتّبعون الشيطان لو لا فضل [الله](١) هم الحكماء والأولياء ، الذين تتلو (٢) منزلتهم منزلة الأنبياء عليهمالسلام ، وهذا ظاهر. (٣)
قوله عزوجل : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً)(٤).
__________________
(١) سقط لفظ الجلالة من الأصل.
(٢) سقطت اللام والواو من آخره ، والكلمة صورتها في الأصل هكذا : (تنا).
(٣) أشار أبو حيان إلى قريب من هذا المعنى ، فقال : «قال الضحاك : هدى الكلّ منهم للإيمان. فمنهم من تمكن فيه حتى لم يخطر له قط خاطر شكّ ، ولا عنت له شبهة ارتياب ، وذلك هو القليل ، وسائر من أسلم من العرب لم يخل من الخواطر ، فلو لا فضل الله بتجريد الهداية لهم لضلوا واتبعوا الشيطان ، ويكون الفضل معينا أي رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم والقرآن ، لأن الكلّ إنما هدي بفضل الله على الإطلاق» البحر المحيط (٣ / ٣٢٠).
(٤) سورة النساء ، الآية : ٨٤.