سمعوا من أفعال المؤمنين أو الكافرين ما فيه أمن أو خوف بادروا إلى إشاعته ، قبل أن يتحققوا معناه (١) ، قال الفرّاء في سرايا النبي عليه الصلاة والسّلام : وأنه كان إذا نفذ سرية بحث المنافقون عنها ، فأشاعوا حديثها (٢). /
قال الحسن : قد كان يفعل ذلك ضعفاء المسلمين ، ويقولون أقوالا تخمينا ، فنهوا عن ذلك (٣) ، والآية تقتضي أن لا يقدم الإنسان على ما لا يتحقق جواز الإقدام عليه ، ولا يقول إلا عن بصيرة ، وعلى ذلك قوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(٤) الآية ، وقوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلاً)(٥) ، اختلف في قوله : (إِلَّا قَلِيلاً) عمّا استثنى ، وذلك لاختلاف تصوّرهم لمعنى الفضل ، فالأول عن الحسن
__________________
(١) انظر : جامع البيان (٨ / ٥٦٨ ـ ٥٧٠) ، وتفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (٣ / ١٠١٤) ، والوسيط (٢ / ٨٧) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ٢٩١) ، والبحر المحيط (٣ / ٣١٨) ، وأنوار التنزيل (١ / ٢٢٧).
(٢) انظر : معاني القرآن للفرّاء (١ / ٢٧٩).
(٣) انظر : النكت والعيون (١ / ٥١١) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ٢٩١) ، وأنوار التنزيل (١ / ٢٢٧) ، وإرشاد العقل السليم (٢ / ٢٠٨) ، دون نسبة في المصدرين الأخيرين.
(٤) سورة الإسراء ، الآية : ٣٦.
(٥) سورة النساء ، الآية : ٨٣.