الملحدة ـ لعنهم الله ـ فيه التناقض ، من نحو قوله : (لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(١) ، وقوله : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ)(٢) ، فذلك خبران قد اختلفا ، إما في الزمان أو في المكان أو في المخبر عنه ، أو في الخبر ، وهذا ظاهر (٣). وقيل : معنى قوله : (لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) أنّ للإنسان هاديين : الشرع والعقل ، كالأصل للشرع ، فبيّن تعالى أن الذي أتاكم به من الشرع لو كان من عند غير الله لكان مقتضى العقل يخالفه ، فلمّا [لم](٤) يوجد بينه وبين العقل منافاة علم أنّه من عند الله (٥) ، فإن
__________________
ـ ١٨٨) ، وزاد المسير (٢ / ١٤٤ ، ١٤٥) ، والبحر المحيط (٣ / ٣١٨) ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (١ / ٥٠٢).
(١) سورة الحجر ، الآية : ٩٢.
(٢) سورة الرحمن ، الآية : ٣٩.
(٣) قال النيسابوري : «... والذي تظنّ به التناقض كقوله : (لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) مع قوله : (لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) .. ليس بذاك عند التدبر وملاحظة شروط التناقض من اتحاد الزمان والمكان وغيرهما» تفسير غرائب القرآن (٢ / ٤٥٦) ، وانظر : مدارك التنزيل (١ / ٣٧٨).
(٤) زيادة يقتضيها السياق.
(٥) قال البيضاوي : «أي ولو كان من كلام البشر كما يزعم الكفار (لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) من تناقض المعنى وتفاوت النظم .. وموافقة العقل لبعض أحكامه دون بعض» أنوار التنزيل (١ / ٢٢٧).