لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً.) التدبير : النظر في دبر / الأمور وتأملها ، وقد يقال ذلك في تأمل الشيء بعد حصوله ومعرفة خيره من شره ، وصلاحه من فساده ، كقولك : تدبّرت ما فعل فلان فوجدته سديدا ، وأصل التدبر من الدّبر ، ومنه الدّبور ، والدّبر : المال الكثير الذي يخلفه الإنسان ويجعله عدة : إما لنفسه في مستأنف عمره ، أو لعقبه (١). إن قيل : كيف قال : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) وما من كلام لعل فيه من الاختلاف ما في القرآن ، فما من آية إلا وقد اختلف فيها (٢) الناس؟ قيل : لم يعن بالاختلاف ما يرجع إلى أحوال المختلفين ، لاختلاف تصوّرهم لمعناه ، أو اختلاف نظرتهم ، ولا الاختلاف الذي يرجع إلى تباين الألفاظ والمعنى والإيجاز والبسط ، وإنما قصد إلى معنى التناقض ، وهو إثبات ما نفى أو نفي ما أثبت ، نحو أن يقال : زيد خارج ، زيد ليس بخارج ، والمخبر عنه والخبر والزمان والمكان فيهما واحد (٣). ادعت
__________________
(١) انظر : العين (٨ / ٢٣) ، وتهذيب اللغة (١٤ / ١٢ ـ ١٥) ، ومعاني القرآن وإعرابه (٢ / ٨٢) ، والمفردات ص (٣٠٧ ، ٣٠٨).
(٢) في الأصل : (فيه) والصواب ما أثبتّه.
(٣) انظر : المقصود بالاختلاف في الآية في : جامع البيان (٨ / ٥٦٧) ، والنكت والعيون (١ / ٥١٠ ، ٥١١) ، والوسيط (٢ / ٨٦) ، وتفسير القرآن للسمعاني (١ / ٤٥٣) ، ومعالم التنزيل (٢ / ٢٥٤) ، والمحرر الوجيز (٤ / ١٨٧ ،