عليه البشر من المخافة لا على إظهار العصيان وكراهة الحق (١) ، وقال غيره : بل هو من صفة المنافقين ، الحرّاص على البقاء في الدنيا (٢) ، وبيّن أنهم يخشون القتل منهم كخشية الموت من الله ، وفيه تنبيه على جبنهم ، وأنهم يخشون جيشهم الذين هم أمثالهم ، وذلك نهاية الخوف ، وعلى هذا دلّ الشاعر في ذمّ قوم وجبنهم حيث قال :
القوم أمثالكم لهم شعر |
|
في الرأس لا ينشرون إن قتلوا (٣) |
قوله تعالى : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ
__________________
(١) ذكره الماوردي في النكت والعيون (١ / ٥٠٧) ، والواحدي في الوسيط (٢ / ٨٢) ، والسمعاني دون عزو (١ / ٤٤٨ ، ٤٤٩) ، والبغوي في معالم التنزيل (٢ / ٢٥١) دون عزو ، وابن الجوزي في زاد المسير (٢ / ١٣٤ ، ١٣٥) دون عزو ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن (٥ / ٢٨١).
(٢) انظر : المصادر السابقة ، وقال أبو حيان : «الظاهر أن القائلين هذا هم منافقون ، لأن الله تعالى إذا أمر بشيء لا يسأل عن علته من هو خالص الإيمان ، ولهذا جاء السياق بعده : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) [النساء : ٧٨] ، وهذا لا يصدر إلا من منافق» البحر المحيط (٣ / ٣١٠).
(٣) البيت للشاعر الشدّاخ بن يعمر الكناني. انظر : الحماسة (١ / ١١٣) ، وشرح نهج البلاغة (٣ / ٢٦٣) ، وشرح الحماسة للتبريزي (١ / ١٩١).