فقالوا : (لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ)(١) أي هلّا (٢)؟ وهذا يجوز أن يكون قد تفوّهوا (٣) به ، ويجوز أنهم اعتقدوه : وقالوه في أنفسهم ، فحكى الله تعالى عنهم تنبيها أنهم لما استصعبوا ذلك (٤) دلّ على استصعابهم أنهم غير واثقين بأحوالهم ولا مقدمين لما يعتقدونه من حسن أعمالهم ، ومن نحو هذا التمنّي حذّر في قوله : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ)(٥) ، قال الحسن : هذا من صفة المؤمنين وما طبع
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ٧٧. وانظر هذا الخبر في : جامع البيان (٨ / ٥٤٧ ، ٥٤٩) ، وتفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (٣ / ١٠٠٥) ، وبحر العلوم (١ / ٣٦٩) ، والنكت والعيون (١ / ٥٠٧) ، وقال : هو قول ابن عباس وعكرمة وقتادة والسديّ ، والوسيط (٢ / ٨١ ، ٨٢) ، وأسباب النزول ص (١٦٦ ، ١٦٧) ، وزاد المسير (٢ / ١٣٤) ، والبحر المحيط (٣ / ٣٠٨) ، والعجاب (٢ / ٩١٧ ، ٩١٨).
(٢) لو لا تكون للإقناع ، وتكون للتحضيض ، والأخير هو المراد بها في الآية ، وتكون حينئذ بمعنى (هلّا). انظر : حروف المعاني (٣ ـ ٥) ، ومعاني الحروف ص (١٢٣). وانظر : البحر المحيط (٣ / ٣١٠).
(٣) في الأصل (بنوا به) والتصويب من البحر المحيط الذي نقل كلام الراغب.
(٤) نقل أبو حيان هذا الكلام ، ونسبه للراغب. انظر : البحر المحيط (٣ / ٣١٠).
(٥) سورة المنافقون ، الآية : ١٠.