باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣)) (١) (٢) [البقرة : ٢ / ١٧٣].
إن تحريم الميتة : بسبب ما فيها من الدم المحتبس الضّار ، الذي قد يكون ملوّثا بالأمراض والسّمّيات في الغالب ، والنفوس تعاف الميتة التي قد يمضي عليها ساعات أو يوم فتتلوث بالجراثيم والميكروبات وتفترسها الديدان. وحرّم الله الدّم السائل المسفوح لما فيه من السّميات ولتلوثه بالأمراض وكونه مباءة الجراثيم والميكروبات.
وحرّم الإسلام تناول لحم الخنزير وشحمه لأنه حيوان قذر لا يتمثل الطعام ولا يهضمه ، ولا يأكل إلا من القاذورات والنجاسات حتى وإن ربّي في أرقى الحظائر ، وينقل الدودة الوحيدة للإنسان ، والطب ، وشرع الله القديم كاليهودية ، والجديد كالإسلام ، يحرّم الخنزير وينفّر منه.
وحرّم القرآن الكريم ما ذبح لغير الله وما ذكر عليه غير اسم الله تعالى عند الذبح ، فقد كان المشركون يذبحون في الجاهلية للأصنام ، ويقولون عند ذبحها باسم اللات والعزى ، وبما أن الذّبح تعظيم ، وتعظيم غير الله لا يجوز ، ويسيء إلى العقيدة النّقية ، فإن الله حرّم كل ما ذبح لغير الله حماية لمبدأ الإيمان بالله تعالى ، وإبعادا للناس من التّقرب للأصنام ونحوها. ثم راعى الشرع حالة الضرورة حفاظا على النفس البشرية فأباح أكل شيء من الميتة والدّم والخمر والمذبوح لغير الله إذا لم يجد الإنسان شيئا من المباحات يأكله ، بشرط ألا يكون طالبا المحرّم لذاته ولا باغيا ، ولا متجاوزا الحدّ في سدّ جوعه ، فيأكل بقدر الضرورة فقط ؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات ، والضرورة تقدر بقدرها.
__________________
(١) غير طالب للحرام للذّة.
(٢) ولا متجاوز حدود الضرورة.