تأمر الآية الأولى المؤمنين بأوامر ثلاثة : وهي تقوى الله ، وهي إذا قرنت بالطاعة تعني الكفّ عن المحارم وترك المنهيات ، والأمر الثاني : طلب القربة إلى الله وهي ابتغاء الوسيلة ، والوسيلة : القربة أي ما يتوصل به إلى تحصيل المقصود والنجاح ، والأمر الثالث : الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله ودينه ، وخصّ هنا الأمر بالجهاد لأمرين : أولهما ـ رفعة شأنه بين أعمال البر وأنه قاعدة الإسلام ، والثاني ـ أنه الطريق إلى الجنة والعبادة التي هي بديل عن المحاربة أو قطع الطريق.
وأما الوسيلة المطلوبة للنّبي محمد صلىاللهعليهوسلم في دعائنا بعد الأذان بإيتاء الوسيلة والفضيلة ، فمعناها درجة في الجنة ، وأعلى منزلة في الجنة. والفضيلة : هي الشفاعة العظمى له في المقام المحمود بجميع الخلائق ليقدّم الناس إلى الحساب ، تخلّصا من أهوال يوم القيامة.
ومعنى الآية : يا من آمنتم بالله ورسوله ، اتّخذوا الوقاية لأنفسكم من عذاب الله ، بامتثال أمره واجتناب نهيه ، وتقرّبوا إلى الله بالطاعة والعمل بما يرضيه ، وجاهدوا أعداء الإسلام حتى يكون الدين كله لله ، ومن أجل نصرة الحق والخير والحرية للبشرية.
ثم أخبر الله عما أعدّ لأعدائه الكفار من العذاب الشديد يوم القيامة ، وأوضح أن الذين كفروا أو جحدوا بالله ربّا واحدا لا شريك له ، وأنكروا آياته الدّالة على وجوده ووحدانيته وقدرته الشاملة ، وكذبوا رسله ، لو جاؤوا بملء الأرض ذهبا ، ومثله أو ضعفه معه ، ليفتدوا بهذا الفداء من عذاب الله ، على كفرهم وعنادهم ، ما تقبّل منهم ذلك ، ولهم عذاب ثابت دائم مستمر لا خروج لهم منه ، كما قال الله تعالى في آية أخرى : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها) [الحج : ٢٢ / ٢٢].
نعود إلى قوله تعالى : (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) لنحقق معنى التّوسل ، فقد استدلّ