الرّجم ، فقال عبد الله بن سلام : ارفع يدك ، فرفع يده ، فإذا آية الرّجم ، فحكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيها بالرجم وأنفذه.
والآية تحذير عام وتذكير ، وتثبيت وتقوية لنفس النّبي صلىاللهعليهوسلم ، ومعناها : قد وعدناك أيها النّبي النصر والغلبة على هؤلاء المنافقين واليهود ، فلا يحزنك ما يقع منهم خلال بقائهم ، ولا يهمنك أمر الذين يسرعون بالوقوع في الكفر ، فإنهم أحد فريقين : إما أنهم منافقون يظهرون الإيمان بألسنتهم ، دون أن تؤمن قلوبهم ، وإما أنهم يهود يبالغون في سماع الكذب من أحبارهم ، الذين يلقون إليهم الأخبار الكاذبة في حقّ النّبي صلىاللهعليهوسلم ، وفيما يتعلّق بأحكام دينهم ، ويبالغون في سماع أقوام آخرين من اليهود هم يهود فدك لم يأتوا مجلسك يا محمد لشدة كراهيتك والحسد عليك ، أو هم بمعنى كونهم جواسيس يتنصتون للكلام لينقلوه لقوم آخرين.
وهم أيضا يحرّفون كلام التوراة من بعد أن وضع الله مواضعه ؛ ببيان فروضه وإحلال حلاله وتحريم حرامه ، يقولون لمن أرسلوهم للنّبي صلىاللهعليهوسلم لسؤاله عن حكم الزانيين : إن أفتاكم بالتسخيم أو التحميم (تسويد الوجه) والجلد ، فاقبلوا منه وارضوا به ، وإن أفتاكم بالرّجم فاحذروا قبوله ، ولا ترضوا به ، ثم يقطع الله لنبيّه الرجاء منهم ، قائلا له : لا تتبع نفسك أمرهم ، فهم في مرصد الاختبار ، والامتحان بالكفر والتعذيب في الآخرة ، وقد اختاروا الضّلال ، وسبق في علم الله ألا يطهّر قلوبهم من السّوء ، وأن يكونوا مدنّسين بالكفر ، فقرّر الله لهم الخزي في الدنيا ، أي الذّل والمسكنة ، وقرّر لهم العذاب في الآخرة بكفرهم.
ثم أكّد الله تعالى اتّصافهم بصفة دائمة أنهم سماعون للكذب ، أكّالون للسّحت أي المال الحرام من أخذ الرّشوة وغيرها ، فإن جاؤوك أيها النّبي وكل حاكم بعدك للاحتكام أو التّقاضي ، فأنت مخيّر بين الحكم بينهم أو الإعراض عنهم ، وإن