والإيمان بالقدر : هو التصديق بأن الله تعالى قدّر الأشياء في القدم ، وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده عزوجل ، وحاصل الإيمان بالقدر ما دل عليه قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦)) [الصافات : ٣٧ / ٩٦] وقوله : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (٤٩)) [القمر : ٥٤ / ٤٩]. ونحو ذلك ، والله تعالى خلق الخير والشر ، وقدر مجيئه إلى العبد في أوقات معلومة ، يكون الإنسان فيها هو المختار لما يعمله أو يتركه.
وقد أبان القرآن الكريم أصول الإيمان وأركانه ، فقال الله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥)) (١) [البقرة : ٢ / ٢٨٥]. والمعنى : صدّق الرسول بالذي أنزل إليه من ربه من الآيات والأحكام ، وصدّق معه المؤمنون ، كلهم آمنوا بوجود الله ووحدانيته وبوجود عنصر الملائكة ، وبإنزال الكتب من الله ، وبإرسال الرسل الكرام ، لا نفرّق نحن المؤمنين بين رسله ، إذ كل الأنبياء المرسلين سواء في الرسالة والتشريع ، لا يختلف واحد عن واحد ، وهذه مزية المسلمين يؤمنون بكل الأنبياء ، دون تفرقة بين نبي وآخر ، نؤمن بكل ما ذكر ، ونقول : سمعنا القول سماع وعي وقبول ، وأطعنا ما أمرنا به طاعة إذعان وانقياد ، معتقدين أن كل أمر ونهي إنما هو لخيري الدنيا والآخرة ، ونسأل الله دائما أن يغفر لنا خطايانا ، وإليه المرجع والمآب. ولما سئل النبي صلىاللهعليهوسلم عن الإيمان قال في الصحيحين : «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره».
__________________
(١) نسألك المغفرة.