وكيف يجوز البخل ، والله مالك السماوات والأرض هو الرزاق ، والمطلع على أعمال العباد ، لا تخفى عليه خافية ، لذا أمر الله بالإنفاق في قوله تعالى : (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) [الحديد : ٥٧ / ٧] ، وقوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) [البقرة : ٢ / ٣].
وقد وبخ الله اليهود حين قالوا : (إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) قال ابن عباس : أتت اليهود رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين أنزل الله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ) [البقرة : ٢ / ٢٤٥] فقالوا : يا محمد ، أفقير ربك؟ يسأل عباده القرض ، ونحن أغنياء ، فأنزل الله : (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ).
ووبخهم أيضا على جرمهم الخطير الشنيع ، وهو قتل الأنبياء بغير حق ، ويقال لهم يوم القيامة : (ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) أي المحرق والمؤلم ، وذلك بسبب ارتكابهم الذنوب والفواحش ، وليس الله بظالم أحدا من عباده ، فيؤاخذه بلا ذنب.
هؤلاء اليهود الذين حاولوا أيضا قتل النبي صلىاللهعليهوسلم بدس السم في طعامه يوم خيبر ، وهم المانعون للزكاة القائلون كذبا : إن الله عهد إلينا ألا نؤمن برسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار ، ويفترون على الله الكذب بزعمهم أن الله أوحى إليهم ذلك في التوراة. فرد الله عليهم بأن هذه معجزة ، وقد سبق أن أرسلت لكم الأنبياء الكثر ومعهم المعجزات ، وأتوكم بالأدلة الواضحة الدالة على صدقهم ، فلم كذبتموهم ، ولم تصدقوهم ، ولم قتلتموهم إن كنتم صادقين؟
فإن كذبوك أيها النبي محمد بعد هذا كله ، فقد كذبت رسل كثيرون قبلك ، جاؤوا بالمعجزات والكتب الإلهية مثل التوراة ذات الهدى والنور ، والإنجيل الكتاب المنير ، ومع ذلك لم يؤمنوا حق الإيمان.
أجل! إن أداء الزكاة المفروضة ، والإنفاق بالصدقات المطلقة سبيل واضح من