على الرضا المتبادل بيعا أو إجارة. وليس كل تراض معترفا به شرعا ، وإنما التراضي ضمن حدود الشرع ، فلا يحل المال الربوي في بيع أو قرض جر نفعا ، ولا المال المأخوذ بالقمار والرّهان من الجانبين ، حتى وإن تراضى عليه الطرفان ؛ لأن رضاهما مصادم لأمر الشرع الإلهي.
وتمام التراضي : أن يعقد البيع بالألسنة بالإيجاب والقبول ، فتنتقل ملكية المبيع للمشتري ، ويجب على المشتري الوفاء بالثمن دون تلكؤ ، ولا يجوز نقض هذا البيع من أحد الطرفين دون موافقة الآخر ، ولا يحل السوم على السوم ، والبيع على البيع ، والخطبة على الخطبة ، لقول النبي صلىاللهعليهوسلم في الحديث المتفق عليه : «لا يسم الرجل على سوم أخيه ، ولا يبيع الرجل على بيع أخيه». وفي حديث آخر : «ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه».
ثم حرمت الآية قتل النفس بطريق الانتحار : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) وقال النبي صلىاللهعليهوسلم في الحديث المتفق عليه : «من قتل نفسه بحديدة ، فحديدته في يده ، يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم ، خالدا مخلدا فيها أبدا». لأن الاعتداء على النفس اعتداء على صنع الله ، ولا يملك الإنسان نفسه ، كذلك يحرم علينا أن يقتل بعضنا بعضا ، فمن قتل غيره فكأنما قتل نفسه ، فيستحق القصاص أو الإعدام ؛ لأنه اعتدى على الأمة كلها ، قال الله تعالى : (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ* فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) [المائدة : ٥ / ٣٢] فدم الإنسان على الإنسان حرام إلا من ارتد أو زنى وهو محصن أو قتل عمدا. وعقوبة قاتل النفس عمدا وظلما في الآخرة : هو إصلاؤه نار جهنم وإدخاله فيها إلا أن يتوب ، وبئس المصير المشؤوم الذي يرجع إليه هذا القاتل المعتدي ، وذلك العقاب أمر سهل يسير على الله ، لأنه القادر على كل شيء.