قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير الوسيط للقرآن الكريم [ ج ١ ]

529/671
*

سبب نزول هذه الآيات : ما ذكره الثّقات من العلماء ، منها : إن مشركي مكة قالوا : يا محمد ، والله ، لا نؤمن لك ، حتى تأتينا بكتاب من عند الله ، ومعه أربعة من الملائكة يشهدون أنه من عند الله ، وأنك رسول الله ، فنزلت آية : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ).

وقال جماعة من المشركين كالنضر بن الحارث : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) [الإسراء : ١٧ / ٩٠].

وروى ابن المنذر وغيره عن ابن إسحاق قال : «دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قومه إلى الإسلام ، وكلمهم فأبلغ إليهم ، فقال له زمعة بن الأسود بن المطلب وآخرون : لو جعل معك يا محمد ملك يحدّث عنك الناس ، ويرى معك» فأنزل الله في ذلك : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ).

تحدّثنا هذه الآيات أنه لو جاء محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم المشركين بأشد وأشنع مما جاء به من الإخبار بعقوبات الأمم السابقة ، لكذّبوا به ، وفي هذا مبالغة تؤكد عنادهم وموقفهم المتعنّت ، إنهم اقترحوا اقتراحين :

أولهما ـ أن ينزل الله عليهم كتابا مسطورا من السماء يخبرهم بصدق نبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويطالبهم بالإيمان به ، قال عبد الله بن أبي أمية : «لا أومن لك حتى تصعد إلى السماء ، ثم تنزل بكتاب فيه : من ربّ العزّة إلى عبد الله بن أبي أمية ، يأمرني بتصديقك ، وما أراني مع هذا كنت أصدّقك». ثم أسلم بعد ذلك عبد الله هذا ، وقتل شهيدا في الطّائف. إن عبد الله وأمثاله من المشركين لو جاءهم كتاب إلهي مسجّل من الله ، والتقطوه بأيديهم ، لقالوا : هذا سحر واضح. وذلك يمثّل غاية التّعنّت والمكابرة ، وهذا جواب اقتراحهم الأول.

والاقتراح الثاني ـ أن ينزل الله ملكا من السماء يرونه ويكون مؤيّدا لرسول الله