أعرضت عنهم فلن يلحقك شيء من ضررهم وعداوتهم ؛ لأن الله حافظك وعاصمك من الناس ، وإن حكمت بينهم في قضية ، فاحكم بينهم بالعدل الذي أمرك الله به ، وهو شريعة القرآن ، إن الله يحبّ العادلين ويرضى عنهم. وتخيير الحكام باق ، وهو الأظهر إن شاء الله كما قال ابن عطية.
وكيف يحكّمونك أيها النّبي في قضية مثل الزّانيين؟ وعندهم التوراة فيها شريعتهم وحكم الله ، ثم يتولون ويعرضون عن حكمك بعد ذلك ، وما أولئك بالمؤمنين أبدا.
أجل! إن التّلاعب بأحكام الله وشرائعه ومحاولة التهرّب منها لا تفيد شيئا ، فإن الحقائق ناصعة ، ومن تنكّر للحقيقة تعرّض للخزي والهوان في الدنيا ، والعذاب الشديد في الآخرة ، وقانا الله تعالى من الانحراف وألهمنا الاستقامة على شرعه ودينه.
تشريع القصاص
تميّز القرآن الكريم بالحيدة والموضوعية وإظهار الحقائق في بيان الأحكام التشريعية فلا تعصّب فيه لشريعة أو اتّباعها على حساب شريعة أخرى ؛ لأن مصدر التشريع الإلهي واحد وهو الله عزوجل ، فكما أن القرآن المجيد نور وهداية دائمة ، كذلك التوراة والإنجيل هدى ونور ، وكما أن القصاص أو عقوبة الإعدام أمر مقرر في الشريعة الإسلامية ، فهو كذلك مقرر واجب في الشريعة الموسوية ، وإنكار ذلك كفر وظلم وفسق.
قال الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا (١) (٢) (٣)
__________________
(١) انقادوا لحكم التوراة.
(٢) العلماء : الفقهاء والعبّاد.
(٣) علماء اليهود.