الصُّدُورِ
(١١٩) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ
يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً
إِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (١٢٠)) [آل عمران : ٣ /
١١٨ ـ ١٢٠].
قال ابن عباس
ومجاهد : نزلت هذه الآيات في قوم من المؤمنين ، كانوا يصافون المنافقين ، ويواصلون
رجالا من اليهود ، لما كان بينهم من القرابة والصداقة ، والحلف والجوار والرضاع ،
فأنزل الله تعالى هذه الآيات ، ينهاهم عن مباطنتهم ، خوف الفتنة منهم عليهم.
ينهى الله تعالى
المؤمنين بهذه الآيات عن أن يتخذوا من الأعداء أخلاء وأمناء ، يأنسون بهم في
الباطن من أمورهم ، ويفاوضونهم في الآراء ، ويطمئنون إلى آرائهم ونصائحهم. فإياكم
أيها المؤمنون من اتخاذ فئة من غيركم أمناء أسراركم ، تطلعونهم على أموركم ،
وتودونهم ، فهم لا يقصرون في إيصال الفساد والشر لكم ، ويحرصون على إيقاع الضرر
بكم ، ويؤيد هذا المعنى قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما من خليفة ولا ذي إمرة إلا وله بطانتان ، بطانة تأمره
بالخير وتحضّه عليه ، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه ، والمعصوم : من عصم الله» .
هؤلاء الأعداء
يتمنون كل شر ومشقة لكم ، فإن لم يستطيعوا حربكم وإيذاءكم ودوا من صميم قلوبهم كل
فساد وألم وسوء بكم.
ألم تظهر البغضاء
لكم والحسد عليكم من فلتات ألسنتهم ، وما تخفي صدورهم : من الحسد وإرادة الشر أكبر
وأكثر ، قد بينا لكم أيها المؤمنون العقلاء الآيات والعبر التي ترشدكم إلى الخير
وتحذركم من الشر ، وهذا تحذير خطير وتنبيه شديد يهز النفوس ، لتحذر من منافقي
اليهود التي نزلت هذه الآيات فيهم لا في منافقي العرب. إنكم أيها المؤمنون مخطئون
في حبهم وإحسان الظن بهم ، فهم لا يحبونكم مع أنكم
__________________