وإن شئت قلت :
إنّ الكلام الأول مركب من نقطتين.
أ ـ النقطة الأولى : هي أن نفرض قيام قرينة على كون الوصف علة لطبيعي الحكم.
ب ـ النقطة الثانية : هي أن نستخرج انحصار هذه العليّة من دليل عام.
وبتماميّة هاتين النقطتين يثبت المفهوم.
أمّا النقطة الأولى فنقول : إنّه لا معنى لإثباتها لأنها مفترضة افتراضا.
وأمّا الثانية : فغاية ما يقال في إثباتها : إنه لو كان هناك علة أخرى غير «العدالة» لطبيعي الحكم ـ في قولنا أكرم الفقير العادل ـ فلا يخلو الأمر فإمّا أن تكون كل من العلّتين بخصوصها علة ، وإمّا أن يكون الجامع بينهما هو العلة.
والأول لازمه صدور الواحد بالنوع ، وهو طبيعي الوجوب ، من المتعدد بالنوع. لأنّ العدالة مباينة للهاشمية نوعا ، وهذا مستحيل بناء على مسلك المشهور في استحالة صدور الواحد من الكثير.
والثاني : لازمه أن لا تكون العدالة بخصوصها دخيلة في وجوب الإكرام ، وهو خلاف أصالة التطابق بين مقام الإثبات ومقام الثبوت ، لأنّ قيد العدالة أخذ بعنوانه في مقام الإثبات ، ففرض عدم دخالته بعنوانه في مقام الثبوت ، خلاف أصالة التطابق بين المقامين.
وبهذا : يثبت بطلان فرض وجود علة أخرى لطبيعي الحكم غير العدالة ، فيثبت بذلك ، الانحصار ، وبتبعه يثبت المفهوم.
إلّا ان هذا الكلام غير تام ، ونحن وإن كنّا قد استعرضنا مثله في بحث مفهوم الشرط.
إلّا اننا هنا نزيد المقام توضيحا فنقول : إننا هنا نختار الفرض الأول ، ولا يلزم منه صدور الواحد بالنوع من المتكثر بالنوع أي انّه لا يلزم محذور